الأرض عاذر، ثم يستولي على غربها وشرقها، تدين له العباد، ويطول ملكه، يستن بسنن البدع والضلال، ويميت الحق وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، يقسم المال في أهل ولايته ويمنعه من هو أحق به، ويذل في ملكه المؤمن، ويقوي في سلطانه الفاسق، ويجعل المال بين أنصاره دولا، ويتخذ عباد الله خولا، ويدرس في سلطانه الحق، ويظهر الباطل، ويلعن الصالحون، ويقتل من ناواه على الحق، ويدين من والاه على الباطل.
فكذلك حتى يبعث الله رجلا في آخر الزمان وكلب من الدهر وجهل من الناس، يؤيده الله بملائكته ويعصم أنصاره وينصره بآياته ويظهره على الأرض، حتى يدينوا طوعا وكرها، يملأ الأرض عدلا وقسطا ونورا وبرهانا، يدين له عرض البلاد وطولها، حتى لا يبقى كافر إلا آمن، ولا طالح إلا صلح، وتصطلح في ملكه السباع، وتخرج الأرض نبتها، وتنزل السماء بركتها، وتظهر له الكنوز، يملك ما بين الخافقين أربعين عاما، فطوبى لمن أدرك أيامه وسمع كلامه (1).
وبالرغم من ذلك كله فقد ألقى (عليه السلام) على قومه خطابا إتماما للحجة لئلا يبقى للناس عليه حجة، فقام: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أما والله، ما ثنانا عن قتال أهل الشام ذلة ولا قلة، ولكن كنا نقاتلهم بالسلامة والصبر [فيشيب] السلامة بالعداوة والصبر بالجزع، وكنتم تتوجهون معنا ودينكم أمام دنياكم، وقد أصبحتم الآن ودنياكم أمام دينكم، وكنا لكم وكنتم لنا، وقد صرتم اليوم خائنا (2).
ثم أصبحتم تصدون قتيلين، قتيلا بصفين تبكون عليهم وقتيلا بنهروان