روضة من رياض الجنة بناء على أن تلك المعصومة دفنت في تلك البقعة. والحديث يدل على ذلك.
والتعبير عن الأرض التي تضم بضعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) روضة من رياض الجنة ناشئ من ضيق العبارة، ولو كان مكان أفضل من الجنة لذكر; لأن الجنة خلقت لأجلها وتشرفت بوجودها واستعارت المكارم واللطف والحسن منها، ونموذج من خلقها وخلقها، ومثلها ومثل الجنة كشرافة مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على سائر المساجد والكعبة على سائر بيوت الله وأرض كربلاء على سائر الأراضي، فلو لم تنسب الكعبة إلى الله لما شرفت كل ذلك التشريف ولما صارت مكانا يطوف حولها العالم، ولو لم يهاجر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة لما شرفت المدينة، وقد قيل «زينة اللباس باللابس».
* * * [مفاخرة بين مكة والمدينة] وللأدباء بيانات أدبية مليحة عن اللسان المعنوي لمكة والمدينة والمفاخرة بينهما لا تخلو عن بعض النكات البلاغية، وأعجبني مقالة لصاحب «برهان الحق» ابن نور الدين في المفاخرة بين الحرمين، فلا بأس بذكرها هنا وإن كانت خارجة عن الموضوع، ولكن سنذكرها باختصار ثم نعود إلى الموضوع ثانية.
قال ابن نور الدين المكي: إنهما اجتمعا في ميدان المفاخرة وبينهما حجاز، فبرز حرم المدينة وقال: الحمد لله الذي فضلني على سائر البلاد، وجمع بي بين طريف الفضل والتلاد، وشرفني بحلول خير العباد، أشرف كل حاضر وباد،