فانزعج معاوية من كلام الحسن أيما انزعاج، فصعد المنبر وقال: إن الحسن بن علي رآني للخلافة أهلا، ولم ير نفسه لها أهلا (1)، ثم أخذ يزخرف القول بما لا يليق ذكره هنا.
وكان الحسن والحسين (عليهما السلام) حاضرين، فقام الحسين (عليه السلام) ليرد عليه، فأخذ بيده الحسن فأجلسه، ثم قام فقال: «أيها الذاكر عليا أنا الحسن وأبي علي، وأنت معاوية وأبوك صخر، وامي فاطمة وامك هند، وجدي رسول الله وجدك عتبة بن ربيعة، وجدتي خديجة وجدتك قيلة (2)، فلعن الله أخملنا ذكرا وألأمنا حسبا وشرفا قديما وحديثا، وأقدمنا كفرا ونفاقا» فقالت طوائف من أهل المسجد: آمين آمين (3).
ولم يكن لمن حضر المسجد بد من أن يقولوا آمين، لأنهم يعرفون حسب الطرفين ونسبهم، وليس خفي على أحد دناءة نسب معاوية ولؤمه وقبائحه; ولنعم ما قال الشاعر:
كل عيوب الورى به اجتمعت * وهو بأضعاف ذاك منفرد أجمل أوصافه النميمة والكذب * ونقل الحديث والحسد فلما أمن الناس على كلام الإمام (عليه السلام) شرع الإمام (عليه السلام) في بيان مكارمه ومناقبه ليقطع الحجة على معتذر أنه لا يعرفه، ومكارم الإمام هي مكارم الصديقة الطاهرة، فهذا الدر من ذاك المعدن، وهذا النور من ذاك النور، ترعرع ونشأ في حجرها الطيب الطاهر.