بضم الهمزة وفتح القاف والواو المشددة - أي ما يقوله الله من الوحي، ولهذا مزيد بيان في أبواب عصمته.
الإمام الرازي، (هو ضمير معلوم أو ضمير مذكور، فيه وجهان: أشهرهما أنه ضمير معلوم، وهو القرآن، كأنه تعالى يقول: (ما القرآن إلا وحي)، وهذا على قول من قال: ليس المراد بالنجم القرآن، وأما على قول من قال: هو الوحي فضمير مذكور. والوجه الثاني: أنه عائد إلى مذكور ضمنا، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم وكلامه، وذلك لان قوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى) في ضمنه النطق وهو كلام وقول، فكأنه تعالى يقول: وما كلامه ولا نطقه إلا وحي وفيه وجه آخر، وهو أن قوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى) [النجم: 3] رد على الكفرة حيث قالوا: قوله قول كاهن، وقالوا: قوله قول شاعر، فقال تعالى: (إن هو إلا وحي يوحى) [النجم: 4]، وليس بقول شاعر كما قال تعالى: (وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون، ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون) [الحاقة: 41، 42].
وقوله تعالى: (إن هو إلا وحي يوحى)، أبلغ من قول القائل: هو وحي، وفيه فائدة غير المبالغة، وهي أنهم كانوا يقولون: هو قول كاهن، هو قول شاعر. والمراد نفي قولهم وذلك يحصل بصيغة النفي فقال: ما هو كما تقولون، وزاد فقال: بل هو وحي.
أنوار التنزيل: (احتج بهذه الآية من لم ير الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم. وأجيب عنه بأنه إذا أوحي إليه أن يجتهد كان اجتهاده وما يسند إليه واجبا وفيه نظر لان ذلك حينئذ بالوحي).
الطيبي (هذه الآية واردة في أمر التنزيل وليس فيها لمستدل أن يستدل شيئا من أمر الاجتهاد نفيا ولا إثباتا، لان الضمير في (هو) للقرآن، بدليل من فسر النجوم بنجوم القرآن).
وبسط الكلام على ذلك، ثم أورد حديث طلحة بن عبيد الله في تأبير النخل (1)، وسيأتي مع الكلام عليه في أبواب عصمته صلى الله عليه وسلم.
وقال الإمام الرازي: (القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجتهد خلاف الظاهر: فإنه في الحرب اجتهد وحرم، قال الله تعالى: (لم تحرم ما أحل الله لك) [مريم: 1]، وأذن، قال الله تعالى:
(عفا الله عنك لم أذنت لهم) [التوبة: 43].
التاسع: في الكلام على قوله تعالى: (علمه شديد القوى) [النجم: 5].
التبيان: (أخبر تعالى عن وصف من علمه بالوحي أنه مضاد لأوصاف الشيطان معلم الضلالة والغواية، وهذا نظير قوله تعالى: (ذي قوة عند ذي العرش مكين) [التكوير: 20]