بالله: (إن الشرك لظلم عظيم) [لقمان: 13]، (بما عهد عندك) [الأعراف: 134].
(قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته) [المائدة: 116].
ابن القيم: (اعلم أن الله سبحانه وتعالى يقسم بأمور على أمور وإنما يقسم نفسه الموصوفة بصفاته وآياته المستلزمة لذاته وصفاته. وأقسامه ببعض المخلوقات دليل على أنه من عظيم آياته، فالقسم إما على جملة خبرية وهو الغالب كقوله تعالى: (فورب السماء والأرض إنه لحق) [الذاريات: 23] وإما على جملة طلبية كقوله تعالى: (فوربك لنسألنهم أجمعين، عما كانوا يعملون) [الحجر 92، 93]، مع أن هذا القسم قد يراد به تحقيق المقسم عليه، فيكون من باب الخبر، وقد يراد به تحقيق القسم فالمقسم عليه يراد بالقسم توكيده وتحقيقه، فلابد أن يكون مما يحسن فيه ذلك كالأمور الغائبة والخفية إذا أقسم على ثبوتها فأما الأمور المشهورة ا لظاهرة كالشمس والقمر والليل والنهار والسماء والأرض، فهذه يقسم بها ولا يقسم عليها. وأما ما أقسم عليه الرب فهو من آياته، فيجوز أن يكون مقسما به ولا ينعكس).
الإمام الرازي رحمه الله تعالى: (أقسم تعالى في بعض السور بمجموع كقوله تعالى:
(والذاريات)، وفي بعضها بإفراد كقوله (والطور)، ولم يقل والأطوار والبحار، والكلمة فيه أن أكثر الجموع أقسم عليها بالمتحركات. والريح الواحدة ليست بثابتة مستمرة حيث يقع القسم عليها، بل هي متبدلة بأفرادها، مستمرة بأنواعها، والمقصود منها لا يحصل إلا بالتبدل والتغير، فقال: (والذاريات) إشارة إلى النوع المستمر لا إلى الفرد غير المستمر. وأما الجبل فهو ثابت غير متغير عادة، فالواحد من الجبال قائم زمانا ودهرا فأقسم في ذلك بالواحد.
وكذلك قوله: (والنجم)، ولو قال: والريح، لما علم المقسم به وفي الطور علم. والسور التي افتتاحها القسم بالأسماء دون الحروف، كان القسم فيها لاثبات أحد الأصول الثلاثة وهي:
الوحدانية والرسالة والحشر وهي التي يتم بها الايمان.
ثم إنه تعالى لم يقسم لاثبات الوحدانية إلا في سورة واحدة من تلك السور وهي (الصافات)، حيث قال تعالى فيها: (إن إلهكم لواحد) [الصافات: 4]، وذلك لانهم وإن كانوا يقولون: أجعل الألهة إلها واحدا، على سبيل الانكار فقد كانوا يبالغون في الشرك، لكنهم في تضاعيف أقوالهم وتصاريف أحوالهم كانوا يصرحون بالتوحيد، وكانوا يقولون: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) [الزمر: 3] وقال تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله) [العنكبوت: 61].
فلم يبالغوا في الحقيقة والانكار المطلوب الأول، فاكتفى بالبرهان ولم يكثر من