كليهما وحي. قال الله تعالى: (وأنزل عليك الكتاب والحكمة) [النساء: 113] وهما القرآن والسنة.
وروى الداري (1) عن يحيى بن أبي كثير (2) قال: (كان جبريل ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن). قلت وفي الصحيحين أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة [فقال: يا رسول الله] كيف ترى في رجل أحرم بعمرة بعد ما تضمخ بالخلوق؟ فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم سكت.
فجاءه الوحي، ثم سري عنه، فقال: أين السائل؟ فجئ به فقال: أنزع عنك الجبة واغسل أثر الطيب واصنع في عمرتك ما تصنع في حجتك (3).
وروى الإمام أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:
كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أريد حفظه، فنهتني قريش وقالوا: تكتب كل شئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الرضا والغضب.
فأمسكت عن الكتابة حتى ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بأصبعه إلى فيه وقال: (اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج مني إلا حقا) (4).
وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لا أقول ألا حقا). وقال بعض أصحابه: (إنك تداعبنا يا رسول الله، قال: إني لا أقول إلا حقا) (5).
وروى الإمام أحمد والطبراني والضياء في صحيحه عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليدخلن الجنة بشفاعة رجل مثل الحيين أو مثل أحد الحيين ربيعة ومضر. فقال رجل: يا رسول الله وما ربيعة ومضر؟ قال: إني ما أقول إلا ما أقوله) (6) - الثاني