فأدلجنا فأحيينا يومنا وليلتنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فضربت ببصري هل أرى ظلا نأوي إليه فإذا أنا بصخرة فأهويت إليها فإذا بقية ظلها فسويته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفرشت له فروة ثم قلت: اضطجع يا رسول الله وأنا أنفض لك ما حولك، ثم خرجت هل أرى أحدا من الطلب فإذا براع مقبل بغنمه يريد من الصخرة ما أردنا: فلقيته فقلت له: لمن أنت يا غلام؟ فقال:
لرجل من أهل مكة، فسماه فعرفته فقلت: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم. قلت: هل أنت حالب لي؟ قال: نعم. فأمرته فاعتقل شاة منها. فقلت: انفض الضرع من التراب والقذى، فحلب لي في قعب معه كثبة من لبن ومعه إداوة ارتوى فيها للنبي صلى الله عليه وسلم يشرب منها ويتوضأ، على فمها خرقة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وكرهت أن أوقظه من نومه، فوقفت حتى استيقظ، فصببت على اللبن من الماء حتى برد أسفله، فقلت: يا رسول الله اشرب من هذا اللبن. فشرب حتى رضيت. ثم قال: (ألم يأن الرحيل؟) قلت: بلى. قال: فارتحلنا بعد ما زالت الشمس (1).
قصة أم معبد رضي الله عنها روى الطبراني والحاكم وصححه، وأبو نعيم وأبو بكر الشافعي عن حبيش بن خالد الأشعر الخزاعي القديدي (2)، أخي أم معبد رضي الله عنهما، وأبو بكر الشافعي عن أبي سليط - بفتح السين المهملة وكسر اللام فمثناة تحتية فطاء مهملة - واسمه أسيرة - بضم أوله وفتح ثانيه وسكون المثناة ا لتحتية - ابن عمرو الأنصاري رضي الله عنه، وابن سعد والبيهقي عن أبي معبد، وابن السكن عن أم معبد رضي الله عنها، والبزار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة مهاجرا إلى المدينة هو وأبو بكر، ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة ودليلهم الليثي عبد الله بن الأريقط، مروا على خيمة أم معبد الخزاعية، وهي لا تعرفه، وكانت برزة جلدة تحتبي بفناء القبة ثم تسقي وتطعم فسألوها لحما وتمروا ليشتروه منها، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك، وإذا القوم مرملون مسنتون. فقالت: والله لو كان عندنا شئ ما أعوزناكم. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة - وفي لفظ في كفاء البيت - فقال: " ما هذه الشاة يا أم معبد "؟ قالت:
شاة خلفها الجهد عن الغنم. قال: " هل بها من لبن "؟ قالت: هي أجهد من ذلك. قال: " أتأذنين لي أن أحلبها "؟ قالت: بأبي أنت وأمي نعم إن رأيت به حلبا فحلبها فوالله ما ضربها فحل قط