سبل الهدى والرشاد - الصالحي الشامي - ج ٣ - الصفحة ٢٤١
أحد، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ما قال، فعرف أن الله قد درأ عنه بهما فبارك عليهما النبي صلى الله عليه وسلم وفرض جزاءهن وانحدرتا في الحرم فأفرخ ذلك الزوج كل شئ في الحرم. وروى الإمام أحمد بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن المشركين قصوا أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم، فصعدوا الجبل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسيج العنكبوت، فمكث فيه ثلاثة أيام.
وروى الحافظ أبو بكر أحمد بن سعيد (1) القاضي شيخ النسائي في مسند الصديق عن الحسن البصري قال: (جاءت قريش يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رأوا على باب الغار نسج العنكبوت قالوا: لم يدخله أحد. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قائما يصلي وأبو بكر يرتقب. فقال أبو بكر:
يا رسول الله هؤلاء قومك يطلبونك، أما والله ما على نفسي أبكي ولكن مخافة أن أرى فيك ما أكره. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تخف إن الله معنا) وروى الإمام أحمد والشيخان عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: (قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار: لو أن أحدهم نظر إلى قدمه لأبصرنا تحت قدميه) فقال: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) (2). وروى أبو نعيم في الحلية عن عطاء بن ميسرة قال: (نسجت العنكبوت مرتين مرة على داود حين كان طالوت يطلبه ومرة على النبي صلى الله عليه وسلم في الغار).
وذكر البلاذري في تاريخه وأبو سعيد في الشرف أن المشركين استأجروا رجلا يقال له علقمة بن كرز بن هلال الخزاعي - وأسلم عام الفتح - فقفا لهم الأثر حتى انتهى إلى غار ثور (3) وهو بأسفل مكة فقال: ههنا انقطع أثره ولا أدري أخذ يمينا أم شمالا أم صعد الجبل. فلما انتهوا إلى فم الغار قال أمية بن خلف: ما أربكم في الغار ظ إن عليه لعنكبوتا كان قبل ميلاد محمد. ثم جاء فبال.
وروى البيهقي عن عروة أن المشركين لما فقدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبوا في كل وجه يطلبونه وبعثوا إلى أهل المياه يأمرونهم به ويجعلون لهم الجعل العظيم وأتوا على ثور الجبل الذي فيه الغار الذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم حتى طلعوا فوقه، وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر أصواتهم، فأشفق أبو بكر وبكى وأقبل عليه الهم والحزن والخوف، فعند ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تحزن إن الله معنا) (التوبة - 40) ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت السكينة من الله

(١) أحمد بن سعد بن الحكم بن محمد بن سالم الجمحي أبو جعفر بن أبي مريم المصري الحافظ عن أبيه وأبي اليمان وحبيب كاتب مالك وسأل ابن معين عن الرجال. وعنه وقال: لا بأس به. قال ابن يونس: توفي يوم عرفة سنة ثلاث وخمسين ومائتين. الخلاصة ١ / ١٤.
(٢) أخرجه البخاري ٥ / ٤ ومسلم في فضائل الصحابة (1) وأحمد في المسند 1 / 4.
(3) انظر. مراصد الاطلاع 1 / 302.
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 جماع أبواب معراجه صلى الله عليه وسلم الباب الأول: في بعض فوائد قوله تعالى (سبحان الذي أسرى...) 4
2 الباب الثاني: في تفسير أول سورة النجم 22
3 الباب الثالث: في اختلاف العلماء في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه تبارك وتعالى ليلة المعراج 55
4 الباب الرابع: في أي زمان ومكان وقع الإسراء 64
5 الباب الخامس: في كيفية الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم وهل تكرر أم لا 67
6 الباب السادس: في دفع شبهة أهل الزيغ في استحالة المعراج 74
7 الباب الثامن: في سياق القصة 79
8 الباب التاسع: في تنبيهات على بعض فوائد تتعلق بقصة المعراج 96
9 الباب العاشر: في صلاة جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وكيف فرضت الصلاة 177
10 جماع أبواب بدء إسلام الأنصار الباب الأول: في نسبهم 181
11 الباب الثاني: في فضلهم وحبهم والوصية بهم والتجاوز بهم والتجاوز عن مسيئهم والنهي عن بغضهم 183
12 الباب الثالث: في بدء إسلامهم رضي الله عنهم 189
13 الباب الرابع: في ذكر يوم بعاث 192
14 الباب الخامس: في بيعة العقبة الأولى 194
15 الباب السادس: في بيعة العقبة الثانية 197
16 الباب السابع: في إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير 198
17 الباب الثامن: في بيعة العقبة الثالثة 201
18 الباب التاسع: في إسلام عمر بن الجموع 222
19 جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة الباب الأول: في إذن النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى المدينة 224
20 الباب الثاني: في سبب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريم وكفاية الله تعالى رسوله مكر المشركين حين أرادوا ما أرادوا 231
21 الباب الثالث: في قدر إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة ورؤياه الأرض التي يهاجر إليها 236
22 الباب الرابع: في هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة وما وقع في ذلك من الآيات 238
23 الباب الخامس: في تلقي أهل المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزوله بقباء وتأسيس مسجد قباء 266
24 الباب السادس: في قدومه صلى الله عليه وسلم باطن المدينة وما آلت إليه 271
25 جماع أبواب بعض فضائل المدينة الشريفة الباب الأول: في بدء شأنها 281
26 الباب الثاني: في أسماء المدينة مرتبة على حروف المعجم 286
27 الباب الثالث: في النهي عن تسميتها يثرب 296
28 الباب الرابع: في محبته صلى الله عليه وسلم لها ودعائه لها ولأهلها 297
29 الباب الخامس: في عصمتها من الدجال والطاعون ببركته 303
30 الباب السادس: في الحث على الإقامة والموت بها والصبر علي لأوائها ونفيها الخبث والذنوب واتخاذ الأصول بها والنهي عن هدم بنيانها 306
31 الباب السابع: في وعيد من أحدث بها حدثا أو آوى محدثا 312
32 الباب الثامن: في تفضيلها على البلاد لحلوله صلى الله عليه وسلم فيها 315
33 الباب التاسع: في تحريمها 318
34 الباب العاشر: في ذكر بعض خصائصها 320
35 جماع أبواب بعض حوادث من السنة الأولى والثانية من الهجرة الباب الأول: في صلاته صلى الله عليه وسلم الجمعة ببني سالم بن عوف 331
36 الباب الثاني: في بناء مسجده الأعظم وبعض ما وقع في ذلك من الآيات 335
37 الباب الثالث: في بنائه صلى الله عليه وسلم حجر نسائه رضي الله عنهن 348
38 الباب الرابع: في بدء الأذان وبعض ما وقع في ذلك من الآيات 351
39 الباب الخامس: في مؤاخاته صلى الله عليه وسلم بين أصحابه رضي الله عنهم 363
40 الباب السادس: في قصة تحويل القبلة 370
41 جماع أبواب بعض أمور دارت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين اليهود والمنافقين الباب الأول: في أخذ سبحانه وتعالى العهد عليهم في كتبهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم إذا جاءهم واعتراف جماعة منهم بنبوته ثم كفر كثير منهم بغيا وعنادا 376
42 الباب الثاني: في إسلام عبد الله بن سلام بن الحارث بن أبي يوسف 379
43 الباب الثالث: في موادعته صلى الله عليه وسلم اليهود وكتبه بينه وبينهم كتابا بذلك 382
44 الباب الرافع: في سؤال اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح 385
45 الباب الخامس: في تحيرهم في مدة مكث هذه الأمة لما سمعوا الحروف المقطعة في أوائل السور 391
46 الباب السادس: في سبب نزول سورة الإخلاص 396
47 الباب السابع: في إرادة شأس بن قيس إيقاع الفتنة بين الأوس والخزرج 398
48 الباب الثامن: في سبب نزول قوله تعالى (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) 400
49 الباب التاسع: في سؤالهم عن أشياء لا يعرفها إلا نبي وجوابه لهم 402
50 الباب العاشر: في رجوعهم إليه صلى الله عليه وسلم في عقوبة الزاني 406
51 الباب الحادي عشر: في سؤاله لهم أن يتمنوا الموت إن كانوا صادقين 409
52 الباب الثاني عشر: في سحرهم إياه صلى الله عليه وسلم 410
53 الباب الثالث عشر: في معرفة بعض طغاة المنافقين 416