سبل الهدى والرشاد - الصالحي الشامي - ج ٣ - الصفحة ٢٤٩
والله لكأني أنظر إلى ساقه في غرزه (1) كأنها جمارة (2). قال: فرفعت يدي بالكتاب. ثم قلت:
يا رسول الله هذا كتابك لي وأنا سراقة بن مالك قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يوم وفاء وبر أدنه)، فدنوت منه فأسلمت، ثم تذكرت شيئا أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فما أذكره، إلا أني قلت: يا رسول الله الضالة من الإبل تغشى حياضي وقد ملأتها لابلي هل لي من أجر (في أن أسقيها)؟ قال: (نعم في كل ذات كبد حرى أجر) قال: ثم رجعت إلى قومي فشقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقتي (3).
وقال أبو بكر رضي الله عنه: (وتبعنا سراقة بن مالك ونحن في جلد من الأرض فقلت:
يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا. قال: (لا تحزن إن الله معنا). فلما دنا منا وكان بيننا وبينه قدر رمح أو رمحين أو ثلاثة قلت: هذا الطلب قد لحقنا وبكيت. (قال صلى الله عليه وسلم: (ما يبكيك؟)) قلت: (أما والله ما على نفسي أبكي ولكني أبكي عليك). فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
(ا للهم اكفناه بما شئت). قال: فساخت به فرشه في الأرض إلى بطنها فوثب عنها، ثم قال: يا محمد قد علمت أن هذا عملك فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه، فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب وهذه كنانتي فخذ منها سهما فإنك ستمر على إبلي وغنمي بمكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا حاجة لنا في إبلك وغنمك)، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم. فانطلق راجعا إلى أصحابه لا يلقى أحدا إلا قال: قد كفيتم ما ههنا، ولا يلقى أحدا إلا رده، ووفى لنا.
وعند ابن سعد أن سراقة لما رجع قال لقريش: قد عرفتم بصري بالطريق وقد استبرأت لكم فلم أر شيئا، فرجعوا. وقال ابن سعد والبلاذري: عارضهم سراقة بقديد يوم الثلاثاء.
وروى ابن عساكر عن ابن إسحاق قال: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه - فيما يذكرون والله أعلم في دخوله الغار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي مسيرهم وفي طلب سراقة إياهم:
قال النبي ولم يجزع يوقرني * ونحن في شدة من ظلمة الغار لا تخش شيئا فإن الله ثالثنا * وقد توكل لي منه بإظهار وإنما كيد من تخشى بوادره * كيد الشياطين كادته لكفار والله مهلكهم طرا بما كسبوا * وجاعل المنتهى منها إلى النار

(١) الغرز: ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب وقيل: هو الكور مطلقا، مثل الركاب للسرج. انظر النهاية ٣ / ٣٥٩.
(٢) الجمارة: قلب النخلة وشحمتها، شبه ساقه ببياضها. انظر النهاية ١ / ٢٩٤ (جمر).
(٣) أخرجه الطبراني في الكبير ٧ / ١٥٨ وذكره ابن كثير في البداية والنهاية ٣ / 185.
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 جماع أبواب معراجه صلى الله عليه وسلم الباب الأول: في بعض فوائد قوله تعالى (سبحان الذي أسرى...) 4
2 الباب الثاني: في تفسير أول سورة النجم 22
3 الباب الثالث: في اختلاف العلماء في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه تبارك وتعالى ليلة المعراج 55
4 الباب الرابع: في أي زمان ومكان وقع الإسراء 64
5 الباب الخامس: في كيفية الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم وهل تكرر أم لا 67
6 الباب السادس: في دفع شبهة أهل الزيغ في استحالة المعراج 74
7 الباب الثامن: في سياق القصة 79
8 الباب التاسع: في تنبيهات على بعض فوائد تتعلق بقصة المعراج 96
9 الباب العاشر: في صلاة جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وكيف فرضت الصلاة 177
10 جماع أبواب بدء إسلام الأنصار الباب الأول: في نسبهم 181
11 الباب الثاني: في فضلهم وحبهم والوصية بهم والتجاوز بهم والتجاوز عن مسيئهم والنهي عن بغضهم 183
12 الباب الثالث: في بدء إسلامهم رضي الله عنهم 189
13 الباب الرابع: في ذكر يوم بعاث 192
14 الباب الخامس: في بيعة العقبة الأولى 194
15 الباب السادس: في بيعة العقبة الثانية 197
16 الباب السابع: في إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير 198
17 الباب الثامن: في بيعة العقبة الثالثة 201
18 الباب التاسع: في إسلام عمر بن الجموع 222
19 جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة الباب الأول: في إذن النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى المدينة 224
20 الباب الثاني: في سبب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريم وكفاية الله تعالى رسوله مكر المشركين حين أرادوا ما أرادوا 231
21 الباب الثالث: في قدر إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة ورؤياه الأرض التي يهاجر إليها 236
22 الباب الرابع: في هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة وما وقع في ذلك من الآيات 238
23 الباب الخامس: في تلقي أهل المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزوله بقباء وتأسيس مسجد قباء 266
24 الباب السادس: في قدومه صلى الله عليه وسلم باطن المدينة وما آلت إليه 271
25 جماع أبواب بعض فضائل المدينة الشريفة الباب الأول: في بدء شأنها 281
26 الباب الثاني: في أسماء المدينة مرتبة على حروف المعجم 286
27 الباب الثالث: في النهي عن تسميتها يثرب 296
28 الباب الرابع: في محبته صلى الله عليه وسلم لها ودعائه لها ولأهلها 297
29 الباب الخامس: في عصمتها من الدجال والطاعون ببركته 303
30 الباب السادس: في الحث على الإقامة والموت بها والصبر علي لأوائها ونفيها الخبث والذنوب واتخاذ الأصول بها والنهي عن هدم بنيانها 306
31 الباب السابع: في وعيد من أحدث بها حدثا أو آوى محدثا 312
32 الباب الثامن: في تفضيلها على البلاد لحلوله صلى الله عليه وسلم فيها 315
33 الباب التاسع: في تحريمها 318
34 الباب العاشر: في ذكر بعض خصائصها 320
35 جماع أبواب بعض حوادث من السنة الأولى والثانية من الهجرة الباب الأول: في صلاته صلى الله عليه وسلم الجمعة ببني سالم بن عوف 331
36 الباب الثاني: في بناء مسجده الأعظم وبعض ما وقع في ذلك من الآيات 335
37 الباب الثالث: في بنائه صلى الله عليه وسلم حجر نسائه رضي الله عنهن 348
38 الباب الرابع: في بدء الأذان وبعض ما وقع في ذلك من الآيات 351
39 الباب الخامس: في مؤاخاته صلى الله عليه وسلم بين أصحابه رضي الله عنهم 363
40 الباب السادس: في قصة تحويل القبلة 370
41 جماع أبواب بعض أمور دارت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين اليهود والمنافقين الباب الأول: في أخذ سبحانه وتعالى العهد عليهم في كتبهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم إذا جاءهم واعتراف جماعة منهم بنبوته ثم كفر كثير منهم بغيا وعنادا 376
42 الباب الثاني: في إسلام عبد الله بن سلام بن الحارث بن أبي يوسف 379
43 الباب الثالث: في موادعته صلى الله عليه وسلم اليهود وكتبه بينه وبينهم كتابا بذلك 382
44 الباب الرافع: في سؤال اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح 385
45 الباب الخامس: في تحيرهم في مدة مكث هذه الأمة لما سمعوا الحروف المقطعة في أوائل السور 391
46 الباب السادس: في سبب نزول سورة الإخلاص 396
47 الباب السابع: في إرادة شأس بن قيس إيقاع الفتنة بين الأوس والخزرج 398
48 الباب الثامن: في سبب نزول قوله تعالى (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) 400
49 الباب التاسع: في سؤالهم عن أشياء لا يعرفها إلا نبي وجوابه لهم 402
50 الباب العاشر: في رجوعهم إليه صلى الله عليه وسلم في عقوبة الزاني 406
51 الباب الحادي عشر: في سؤاله لهم أن يتمنوا الموت إن كانوا صادقين 409
52 الباب الثاني عشر: في سحرهم إياه صلى الله عليه وسلم 410
53 الباب الثالث عشر: في معرفة بعض طغاة المنافقين 416