السادس: قال القاضي رحمه الله تعالى: إن الختم هو أثر شق الملكين لما بين كتفيه.
تعقبه النووي فقال: هذا باطل لأن الشق إنما كان في صدره صلى الله عليه وسلم وبطنه، وقال القرطبي أثره - أي الشق - إنما كان خطا واضحا من صدره إلى مراق بطنه كما في الصحيح. ولم يثبت قط أنه بلغ الشق حتى نفذ من وراء ظهره، ولو ثبت لزم عليه أن يكون مستطيلا من بين كتفيه إلى بطنه أي أسفل بطنه لأنه الذي يحاذي الصدر من مسربته إلى مراق البطن. قال: فهذه غفلة من القاضي.
قال الحافظ رحمه الله تعالى: كذا قال. وقد وقف على مستند القاضي وهو حديث عتبة بن عبد السلمي وفيه أن الملكين لما شقا صدره صلى الله عليه وسلم قال أحدهما للآخر خطه فخاطه وختم عليه بخاتم النبوة. انتهى. فلما ثبت أن خاتم النبوة بين كتفيه كان ذلك أثر الختم.
وفهم النووي وغيره أن قوله: (بين كتفيه) متعلق بالشق، ليس كذلك بل هو متعلق بالختم ويؤيده ما في حديث شداد بن أوس عند أبي يعلى وأبي نعيم في الدلائل أن الملك لما أخرج قلبه وغسله ثم أعاده ختم عليه بخاتم في يده من نور فامتلأ نورا وذلك نور النبوة.
فيحتمل أن يكون ظهر من وراء ظهره عند كتفه الأيسر لأن القلب في تلك الجهة.
وفي حديث عائشة عند أبي داود الطيالسي وابن أبي أسامة وأبي نعيم في الدلائل أن جبريل وميكائيل لما تراءيا له عند المبعث (هبط جبريل فسلقني لحلاوة القفا ثم شق قلبي فاستخرجه ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم أعاده مكانه ثم لأمه ثم ألقاني وختم في ظهري حتى وجدت برد الخاتم في قلبي قال: اقرأ) (1) وذكر الحديث. هذا مستند القاضي رحمه الله تعالى وليس بباطل.
قلت: وقد تقدم في التنبيه الثالث من كلام السهيلي ما يوضح ما ذكره القاضي فراجعه.
السابع: وقع في حديث شداد بن أوس (2) في مغازي ابن عائذ في قصة شق صدره صلى الله عليه وسلم وهو في بلاد بني سعد بن بكر (وأقبل وفي يده خاتم له شعاع فوضعه بين كتفيه وثدييه) وهذا قد يؤخذ منه أن الختم وقع في موضعين من جسده صلى الله عليه وسلم والعلم عند الله تعالى.
الثامن: قال الحافظ: ما قيل إن الخاتم كان كأثر المحجم أو كالشامة السوداء أو الخضراء مكتوب عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله أو سر فإنك المنصور. ونحو ذلك فلم يثبت من ذلك شئ ولا يغير بما وقع في صحيح ابن حبان فإنه غفل حيث صحح ذلك.