الشيطان في صورة ضفدع عند كتفه حذاء قلبه له خرطوم كخرطوم البعوضة وقد أدخله في منكبه الأيسر إلى قلبه يوسوس إليه فإذا ذكر الله تعالى العبد خنس.
قال السهيلي: والحكمة في وضع خاتم النبوة على جهة الاعتبار أنه صلى الله عليه وسلم لما ملئ قلبه إيمانا ختم عليه كما يختم على الوعاء المملوء مشكا أو درا، فجمع الله تعالى أجزاء النبوة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتممه وختم عليه بختمه فلم تجد نفسه ولا عدوه سبيلا إليه من أجل ذلك الختم، لأن الشئ المختوم محروس، وكذلك تدبير الله تعالى لنا في هذه الدار إذا وجد أحدنا الشئ بختمه زال الشك وانقطع الخصام فيما بين الآدميين، فلذلك ختم رب العالمين في قلبه ختما يطمئن له القلب وألقى فيه النور ونفذت قوة القلب فظهر بين كتفيه كالبيضة.
الرابع: قال الحافظ: مقتضى الأحاديث أن الخاتم لم يكن موجودا عند ولادته صلى الله عليه وسلم، وإنما وضع لما شق صدره عند حليمة وفيه تعقب على من زعم أنه صلى الله عليه وسلم ولد به، وهو قول نقله أبو الفتح بلفظ: قيل ولد به وقيل حين وضع. ونقله مغلطاي عن ابن عائذ.
قال الحافظ: وما تقدم أثبت.
قلت: وصحيحه في (الغرر) وتقدمت الأحاديث التي فيها ذكر الختم في باب شق صدره الشريف صلى الله عليه وسلم فراجعها.
ومقتضاها والحديث السابق أول هذا الباب أن الختم تكرر ثلاث مرات: الأول وهو في بلاد بني سعد. والثانية: عند المبعث. والثالثة: ليلة الإسراء، ولم أقف في شئ من أحاديث شق صدره صلى الله عليه وسلم وهو ابن عشر سنين على ذكر الخاتم. فالله تعالى أعلم.
الخامس: سئل الحافظ برهان الدين الحلبي رحمه الله تعالى: هل خاتم النبوة من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم؟ أو كل نبي مختوم بخاتم النبوة؟ فأجاب: لا أستحضر في ذلك شيئا ولكن الذي يظهر أنه صلى الله عليه وسلم خص بذلك لمعان منها: أنه إشارة إلى أنه خاتم النبيين وليس كذلك غيره. ولأن باب النبوة ختم به فلا يفتح بعده أبدا.
وروى الحاكم عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى قال: لم يبعث الله نبيا إلا وقد كانت عليه شامة النبوة في يده اليمنى، إلا أن يكون نبينا صلى الله عليه وسلم فإن شامة النبوة كانت بين كتفيه صلى الله عليه وسلم.
فعلى هذا يكون وضع الخاتم بظهر النبي صلى الله عليه وسلم مما اختص به عن الأنبياء وجزم به الشيخ رحمه الله تعالى في (أنموذج اللبيب) كما في النسخ الصحيحة خلافا لما وقع في غيرها مما يخالف ذلك.