رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث يمر هو وأصحابه لتعقرهم بذلك، فبينا هي ذات يوم تحمل حزمة أعيت فقعدت على حجر تستريح أتاها ملك فجذبها من خلفها بالحبل الذي في عنقها فخنقها به.
وروى الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما نزلت (وأنذر عشيرتك الأقربين) صعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الصفا فجعل ينادي: يا بني فهر، يا بني عدي لبطون من قريش، حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا ينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا: نعم ما جربنا عليك إلا صدقا قال: فأن لكم نذير بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا (1)!
فأنزل الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (تبت) خسرت. والتباب: الخسران المفضي إلى الهلاك (يدا أبي لهب) جملته وعبر عنها باليدين مجازا لأن أكثر الأفعال تداول بهما، وكني بأبي لهب لحسنه وجماله وإنما كناه لأنه كان مشتهرا بكنيته دون اسمه وقيل لأن اسمه ععبد العزى فلا يناسب في القرآن عبدية شخص إلى غير الله تعالى وهذه الجملة دعاء (وتب) خسر هو، وهذه خبر كقولهم أهلكه الله وقد أهلكه.
ولما خوفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالعذاب قال: إن كان ما يقول ابن أخي حقا فإني أفتدي منه بمالي وولدي فأنزل (وما أغنى عنه ماله وما كسب) وكسبه: أي ولده وأغنى بمعنى يعني (سيصلى نارا ذات لهب) أي تلهب وتوقد فهي مآل تكنيته (وامرأته): عطف على ضمير يصلى سوغه الفصل بالمفعول وصفته وهي أم جميل (حمالة) بالرفع (الحطب) الشوك والسعدان تلقيه في طريق النبي صلى الله عليه وآله وسلم (في جيدها): عنقها (حبل من مسد) أي ليف وهذه الجملة حال من حمالة الحطب الذي هو نعت لامرأته أو خبر متبدأ مقدر.
ولهذا مزيد بيان - في المعجزات.
وذكر البلاذري ممن كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أبو الأصداء وكان يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يعلمك أهل الكتاب أساطيرهم ويقول الناس هو معلم مجنون فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنه لعلى جبل إذا اجتمعت عليه الأروى فنطحته حتى قتلته.
وذكر ابن إسحاق فيهم: أمية بن خلف الجمحي.
قال ابن إسحاق: وكان إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه فأنزل الله سبحانه وتعالى:
(ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده).