التوفيق للطاعة أو البشرى بالجنة ومنهم من ذكر (أولئك عنها مبعدون) لأنهم يرفعون إلى أعلى عليين (ولا يسمعون حسيسها) صوتها: (وهم فيما اشتهت أنفسهم) من النعيم (خالدون) دائمون (لا يحزنهم الفزع الأكبر) وهو أن يؤمر بالعبد إلى النار (وتتلقاهم) تستقبلهم (الملائكة) عند خروجهم من القبول يقولون منهم (هذا يومكم الذي كنتم توعدون) [الأنبياء 101: 103] في الدنيا (1).
تنبيه قال السهيلي: لو تأمل ابن الزبعرى وغيره من كفار قريش الآية لرأى أن اعتراضه غير لازم من وجهين: أحدهما: أنه خطاب متوجه على الخصوص لقريش عبدة الأصنام، وقوله (إنا نعبد الملائكة) حيدة، وإنما وقع الكلام والمحاجة في اللات والعزى وهبل وغير ذلك من أصنامهم.
والثاني: أن لفظ التلاوة: (إنكم وما تعبدون) ولم يقل (ومن تعبدون) فكيف يلزم اعتراضه بالمسيح وعزير والملائكة، وهم يعقلون والأصنام لا تعقل؟ ومن ثم جاءت الآية بلفظ ما الواقعة على ما لا يعقل. انتهى.
وقال بعض العلماء: ان ابن الزبعرى من فصحاء العرب لا يخفى عليه موضع (من) من (ما) وإنما إيراده من جهة القياس والعموم المعنوي الذي يعم الحكم فيه لعموم علته أي إن كان كونه معبودا يوجب أن يكون حصب جهنم فهذا المعنى موجود في الملائكة والمسيح وعزير.
وأجيب بالفارق من وجوه:
الأول: الآية المتقدمة، لأن عزيرا والمسيح ممن سبقت لهم الحسنى فالتسوية بين الملائكة والأنبياء وبين الأصنام والشياطين من جنس التسوية بين البيع والربا وهو شأن أهل الباطل يسوون بين ما فرق الشرع والعقل والفطرة بينه، ويفرقون بين ما سوى الله عز وجل ورسوله بينه.
الثاني: الأوثان حجارة غير مكلفة ولا ناطقة، فإذا حصب بها جهنم إهانة لها ولعابديها - لم يكن في ذلك تعذيب من لا يستحق العذاب.
الثالث: أن من عبد هؤلاء بزعمه فإنهم لم يدعوا إلى أنفسهم، وإنما عبد المشركون