وروى ابن إسحاق عن بعض آل عمر قال: قال عمر لما أسلمت تلك الليلة تذكرت أي أهل مكة أشد لرسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة حتى آتيه فأخبره أني قد أسلمت. قال: فقلت: أبو جهل.
فأقبلت حين أصبحت حتى ضربت عليه بابه فخرج أبو جهل فقال: مرحبا وأهلا يا بن أختي ما جاء بك؟ قلت: جئت لأخبرك أني قد آمنت بالله ورسوله وصدقت بما جاء به. فضرب الباب في وجهي وقال: قبحك الله وقبح ما جئت به.
وروى أيضا بسند صحيح عن ابن عمر قال: لما أسلم عمر قال: أي قريش أنقل للحديث؟ قيل له: جميل بن معمر الجمحي. قال: فعذا عليه. قال عبد الله: وغدوت معه أتبع أثره وأنظر ما ذا يفعل حتى جاءه فقال له: أعلمت يا جميل أني أسلمت ودخلت في دين محمد؟ قال: فوالله ما راجعه حتى قال يجر دراءه وتبعه عمر، واتبعت أبي حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش - وهم في أنديتهم حول الكعبة - ألا إن ابن الخطاب قد صبأ. قال: يقول عمر من خلفه: كذب ولكني أسلمت وضهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. وثاروا إليه فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم وطلع فقعد وقاموا على رأسه وهو يقول: افعلوا ما بدا لكم فأحلف بالله أن لو كنا ثلاثمائة لقد تركناها أو تتركونها لنا.
فبينا هو على ذلك إذا أقبل شيخ من قريش عليه حلة حبرة وقميص موشى حتى وقف عليهم فقال: ما شأنكم؟ قالوا: صبأ عمر. قال: فمه، رجل اختار لنفسه أمرا فما تريدون منه؟
أترون بني عدي بن كعب يسلمون لكم صاحبكم؟ هكذا خلوا عن الرجل. قال: فوالله فكأنما كانوا ثوبا كشط عنه. فقلت لأبي بعد أن هاجر إلى المدينة: يا أبي من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت وهم يقاتلونك؟ قال: ذاك أي بني العصي بن وائل السهمي. ومات مشركا.
وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينا عمر في الدار خائفا إذ جاءه العاصي بن وائل السهمي وعليه حلة حبرة وقميص مكفوف بحرير فقال: ما بك؟ قال: زعم قومك أنهم سيقتلونني لأنني أسلمت. قال: لا سبيل إليك أمنت. فخرج العاصي فلقي الناس قد سال بهم الوادي فقال: أين تريدون؟ فقالوا: نريد ابن الخطاب الذي صبأ. قال: لا سبيل إليه. فكر الناس وتصدعوا عنه.
وروى البخاري عن ابن مسعود قال: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.