وبطش بختنه سعيد بن زيد فقامت إليه أخته بنت الخطاب لتكفه عن زوجها، فضربها فشجها فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه: نعم قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله فاصنع ما بدا لك.
فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع فارعوى وقال لأخته أعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرأون آنفا أنظر ما هذا الذي جاء به محمد. وكان عمر كاتبا فلما قال ذلك قالت له أخته: إنا نخشاك عليها. قال: لا تخافي. وحلف لها بآلهته ليردنها إذا قرأها إليها.
فلما قال ذلك طمعت في إسلامه فقالت: يا أخي أنت نجس على شركك وإنه لا يمسه إلا الطاهر. فقام عمر فاغتسل فأعطته الصحيفة وفيها طه فقرأها فلما قرأ صدرا منها فقال ما أحسن هذا الكلام وأكرمه.
وفي رواية أنه وجد في الصحيفة: (بسم الله الرحمن الرحيم). فذكر من أين اشتق.
ثم رجع إلى نفسه فقرأ (سبح الله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم حتى بلغ (آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله. انتهى.
فلما سمع ذلك خباب خرج إليه فقال له يا عمر والله إني لأرجو أن يكون الله تعالى قد خصك بدعوة نبيه فإني سمعته أمس وهو يقول: اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام أو بعمر بن الخطاب فالله الله يا عمر. فذكر الحديث (1).
وفي رواية مجاهد عمن روى أن عمر قال: كنت للإسلام مباعدا وكنت صاحب خمر في الجاهلية أصبها وأشربها وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش بالحزورة عند دور آل عمر بن عبد عمران المخزومي، فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك في مجلسهم ذلك فجئتهم فلم أجد فيه منهم أحدا فقلت في نفسي: فلو أني جئت فلانا الخمار وكان بمكة يبيع الخمر، لعلي أجد عنده خمرا فأشرب منها فخرجت فلم أجده. فقلت في نفسي: فلو أني جئت الكعبة فطفت بها سبعا أو سبعين فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي وكان إذا صلى استقبل الشام وجعل الكعبة بينه وبين الشام. فكان مصلاه بين الركنين الركن الأسود والركن اليماني فقلت حين رأيته: والله لو سمعت لمحمد الليلة حتى أسمع ما يقول. فقلت لئن دنوت منه أستمع لأروعنه فجئت من قبل الحجر فدخلت تحت ثيابه فجعلت أمشي رويدا رويدا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي يقرأ القرآن حتى قمت في قبلته مستقبله ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة، فلما سمعت القرآن رق له قلبي فبكيت ودخلني الإسلام، فلم أزل