الثاني: قوله في الحديث: (فبايعوه) في (العيون) إن كان المراد فبايعوا بحيرا على مسالمة النبي صلى الله عليه وسلم فقريب. وإن كان غير ذلك فلا أدري ما هو.
وقال في (الغرر) الأول هو الظاهر ليوافق الضمير في فيه وفي (وأقاموا معه) ومعناه:
فبايعوه على أن لا يأخذوا النبي صلى الله عليه وسلم ولا يؤذوه على حسب ما أرسلوا فيه، وأقاموا مع بحيرا خوفا على أنفسهم إذا رجعوا بدونه. وهذا وجه حسن جدا.
الثالث: وقع في سير الزهري أن بحيرا كان حبرا من يهود تيماء. قال الحافظ عماد الدين ابن كثير: والظاهر من سياق القصة أنه كان نصرانيا.
قلت: وبذلك جزم ابن إسحاق. كما تقدم.
وقال المسعودي في تاريخه: كان بحيرا نصرانيا من عبد القيس.
وفي تاريخ ابن عساكر أنه كان يسكن ميفعة قرية وراء دير بالبلقاء. وذكر الإمام السروجي في مناسكه أن عند كفافة منزلة وادي الظباء بها شجر تمر الهندي تزعم العامة أن صومعة بحيرا كانت هناك. قال ولا يوقف على حقيقة ذلك.
وذكر القتبي في (المعارف) أنه سمع قبل الإسلام بقليل هاتف يهتف: ألا إن خير أهل الأرض بحيرا ورئاب بن البراء الشني والثالث المنتظر. فكان الثالث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن قتيبة: وكان قبر رئاب الشني وقبر ولده من بعده لا يزال يرى عليه طش والطش:
المطر الخفيف.
ثم إن بحيرا بباء موحدة مفتوحة فحاء مهملة مكسورة فراء فألف قال: غير واحد مقصورة ورأيت بخط مغلطاي وصاحب الغرر وغيرهما عليها مدة. فالله تعالى أعلم.
قال المسعودي: واسمه سرجس. كذا فيما وقفت عليه من نسخ الروض. وفي النسخ التي وقفت عليها من الإشارة جرجيس بكسر الجيمين بينهما راء وبعد الثانية مثناة تحتية فسين مهملة. وهكذا رأيته بخط صاحبها في (الزهر) وصحح عليه. وكذلك هو في الإصابة للحافظ. وجزم الذهبي في ترجمة أبي الفتح سعيد بن عقبة من (الميزان) بأن بحيرا لم يدرك البعثة. وأقره الحافظ في اللسان. وهو غير مصروف للعجمة والعلمية. وهو في الأصل اسم نبي.
الرابع: في بيان غريب ما سبق:
صب به - بصاد مهملة فباء موحدة: أي مال إليه ورق عليه. ويروى وضبث به بضاد معجمة فباء موحدة فمثلثة. أي تعلق به وأمسك.
الصومعة: منزل الراهب، سميت بذلك لأنها محددة الرأس من قولهم ثريدة مصمعة إذا دقت وحدد رأسها.