وروى يعقوب بن سفيان عن الزهري أن قريشا سمت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأمين قبل أن ينزل عليه الوحي فطفقوا ألا ينحروا جزورا إلا التمسوه فيه فيدعو لهم فيما.
وروى الشيخان من حديث عائشة في حديث بدء الوحي لما أتاه جبريل بالوحي قال لخديجة: لقد خشيت على نفسي وأخبرها الخبر. فقالت له: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق.
تنبيهات الأول: ما ذكره ابن إسحاق من قصة تعريه صلى الله عليه وآله وسلم وأنه في صغره وأنه أمر بالستر قال السهيلي وتبعه ابن كثير وأبو الفتح والحافظ: إن صح حمل على أن هذا الأمر كان مرتين مرة في حال صغره ومرة في أول اكتهاله عند بنيان الكعبة. واستبعد ذلك مغلطاي في كتابيه (الزهر) و (دلائل النبوة) بأنه صلى الله عليه وآله وسلم إذا نهي عن شئ مرة لا يعود إليه ثانيا بوجه من الوجوه.
وأيضا في حديث العباس - أي الآتي في باب بناء البيت - أنه الأول ما نودي.
وأما ما رواه ابن سعد وأبو نعيم وابن عساكر من طريق النضر بن عبد الرحمن عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال كان أبو طالب يعالج زمزم وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينقل الحجارة وهو غلام يأخذ إزاره ويتقي به الحجارة فغشي عليه، فلما أفاق سأله أبو طالب فقال: أتاني آت عليه ثياب بيض فقال لي: استتر فكان أول شئ رآه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من النبوة أن قيل له استتر وهو غلام. قال: فما رئيت عورته من يومئذ (1). فقد قال الحافظ في الفتح: إن النضر ضعيف وقد خبط في إسناده وفي متنه فإنه جعل القصة في معالجة زمزم ولم يذكر العباس وقد قدمنا أن عكرمة والحكم بن أبان رويا القصة عن ابن عباس عن أبيه في قصة بناء البيت.
الثاني: روى أبو يعلى وابن عدي والبيهقي وابن عساكر عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشهد مع المشركين مشاهدهم فسمع ملكين خلفه وأحدهما يقول لصاحبه: اذهب بنا حتى نقوم خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: كيف نقوم خلفه وإنما عهده باستلام الأصنام قبيل؟ فلم يعد بعد ذلك يشهد مع المشركين مشاهدهم.
وقول الملكين: وإنما عهده باستلام الأصنام قال الطبراني والبيهقي: يعني أنه شهد مع من استلمها. والمراد بالمشاهد التي شهدها مشاهد الحلف ونحوها لا مشاهد استلام الأصنام.