فذلك من أعلامه وبيانه وليس نهار واضح كظلام (1) تنبيهات الأول: وقع في حديث أبي سعيد أبي سعيد عن الترمذي: فلم يزل بحيرا يناشد جده حتى رده وبعث معه أبو بكر بلالا قال الحافظ شرف الدين الدمياطي وتبعه في المورد والعيون: في قوله:
(وأرسل معه أبو بكر بلالا) نكارة كيف وأبو بكر حينئذ لم يبلغ العشر سنين فإن النبي صلى الله عليه وسلم أسن من أبي بكر بأزيد من عامين وقد قدمنا ما كان سن النبي صلى الله عليه وسلم حين سافر هذه السفرة.
وأيضا فإن بلالا لم ينتقل لأبي بكر إلا بعد ذلك بأكثر من ثلاثين عاما، فإنه كان لنبي خلف الجمحيين وعند ما عذب في الله على الإسلام اشتراه أبو بكر رحمة له واستنقاذا له من أيديهم وسيأتي بيان ذلك.
وذكر نحو ذلك الحافظ في الإصابة وزاد أن هذا اللفظ مقتطع من حديث آخر أدرج في هذا الحديث وفي الجملة هو وهم من أحد رواته.
وروى ابن مندة بسند ضعيف عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال: إن أبا بكر صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة والنبي صلى الله عليه وسلم ابن عشرين وهم يريدون الشام في تجارة، حتى إذا نزل منزلا فيه سدرة فقعد في ظلها ومضى أبو بكر إلى راهب يقال له بحيرا يسأله عن شئ فقال له: من الرجل الذي في ظل السدرة فقال له: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. فقال له: هذا والله نبي هذه الأمة ما استظل تحتها بعد عيسى ابن مريم إلا محمد.
وذكر الحديث.
قال الحافظ: فهذا إن صح يحتمل أن يكون في سفرة أخرى بعد سفرة أبي طالب.
وذكر نحوه في (الزهر) وزاد: وقول ابن دحية: يمكن أن يكون أبو بكر استأجر بلالا حينئذ أو يكون أمية بن خلف بعثه: غير جيد لأمرين.
أحدهما: أن أبا بكر لم يكن معهم ولا كان في سن من يملك. وذكر نحو ما سبق في سن النبي صلى الله عليه وسلم إذ ذاك.
ثانيهما: أن بلالا كان أصغر من أبي بكر فلا يتجه ما قاله بحال.