والتفت عنه بحيرا فإذا هو بسبعة نفر قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم فقال: ما جاء بكم؟
قالوا: جئنا إلى هذا النبي الذي هو خارج في هذا الشهر فلم يبق طريق إلا بعث إليه ناس وإنا قد أخبرنا خبره بطريقك هذا. قال: أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده؟
قالوا: لا فبايعوه وأقاموا معه. فأتى قريشا فقال: أنشدكم بالله أيكم وليه قالوا: أبو طالب. فلم يزل يناشده حتى رده أبو طالب وأرسل معه رجلا وزودهم الراهب من الكعك والزيت.
وقال: أبو طالب في هذه السفر قصائد منها ما ذكره ابن إسحاق وأبو هفان في ديوان شعر أبي طالب:
إن ابن آمنة الأمين محمدا * عندي بمثل منازل الأولاد لما تعلق بالزمام رحمته * والعيس قد قلصن بالأزواد * فارفض من عيني دمع ذارف * مثل الجمان مفرق الأفراد راعيت منه قرابة موصولة * وحفظت فيه وصية الأجداد وأمرته بالسير بين عمومة * بيض الوجوه مصالت أنجاد ساروا لأبعد طية معلومة فلقد تباعد طية المرتاد حتى إذا ما القوم بصرى عاينوا * لا قوا على شرك من المرصاد حبرا فأخبرهم حديثا صادقا * عنه ورد معاشر الحساد قوما يهودا قد رأوا ما قد رأى * ظل الغمامة ثاغري الأكباد ساروا لفتك محمد فنهاهم * عنه وأجهد أحسن الإجهاد فثنى زبيرا بحير فانثنى * في القوم بعد تجادل وتعاد ونهى دريسا فانتهى لما نهي * عن قول حبر ناطق بسداد ومنها:
بكى حزنا لما رآني محمد * كأن لا يراني راجعا لمعاد فبت يجافيني تهلل دمعه * وعبرته عن مضجعي ووسادي فقلت له قرب قتودك وارتحل * لا تخش مني جفوة ببلاد وحل زمام العيس وارحل بنا معا * على عزمة من أمرنا ورشاد رح رائحا في الرائحين مشيعا * لذي رحم والقرم غير بعاد فرحنا مع القوم التي راح ركبها * يؤمون من غورين أرض إياد