الحسين. أما بعد، فإنك كتبت في يوم كذا من شهر كذا إلى الحجاج سرا في حقنا بني عبد المطلب بما هو كيت وكيت وقد شكر الله لك ذلك. ثم طوى الكتاب وختمه وأرسل به مع غلام له من يومه على ناقة له إلى عبد الملك بن مروان وذلك من المدينة الشريفة إلى الشام، فلما قدم الغلام على عبد الملك أوصله الكتاب، فلما نظره وتأمل فيه فوجد فيه تاريخه موافقا لتاريخ كتابه الذي كتبه إلى الحجاج في اليوم والساعة فعرف صدق علي بن الحسين وصلاحه ودينه ومكاشفته له، فسر بذلك وبعث له مع غلامه بوقر راحلته دراهم وكسوة فاخرة وسيره إليه من يومه وسأله أن لا يخليه من صالح دعائه (١).
وقدم على علي بن الحسين (عليه السلام) نفر من أهل العراق فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان ما قالوا، فلما فرغوا من كلامهم قال لهم علي بن الحسين (عليه السلام):
ألا تخبروني من أنتم؟ أنتم ﴿المهجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله و أولئك هم الصادقون﴾ (٢) قالوا: لا، قال: فأنتم ﴿والذين تبوءو الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة ممآ أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة﴾ (3) فقالوا:
لا، فقال: أما أنتم فقد تبرأتم أن تكونوا من هذين الفريقين، وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله في حقهم (والذين جآءو منم بعدهم يقولون ربنا اغفر