الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٤١٩
وكان ممن أخذ بخطام الجمل محمد بن طلحة (1) فجعل لا يحمل عليه أحد إلا من
(١) محمد بن طلحة بن عبيد الله، أمه حمنة بنت جحش، كنيته أبو سليمان، ولد في عصر الرسول (صلى الله عليه وآله)، وقتل يوم الجمل مر عليه علي (عليه السلام) وقال: أبوه صرعه هذا المصرع ولولا أبوه وبره به ما خرج ذلك المخرج. (انظر ترجمته في الطبقات: ٥ / ٣٧ - ٣٩).
ومما يجدر ذكره هنا أن محمد بن طلحة هو الذي أقبل عليه غلام من جهينة فقال له: أخبرني عن قتلة عثمان، فقال: نعم، دم عثمان ثلاثة أثلاث، ثلث على صاحبة الهودج، وثلث على صاحب الجمل الأحمر - يعني طلحة - وثلث على علي بن أبي طالب، فضحك الغلام وقال: لا أراني على ضلال ولحق بعلي وقال:
سألت ابن طلحة عن هالك * بجوف المدينة لم يقبر فقال: ثلاثة رهط هم * أماتوا ابن عفان واستعبر فثلث على تلك في خدرها * وثلث على راكب الأحمر وثلث على ابن أبي طالب * ونحن بدويه قرقر فقلت صدقت على الأولين * وأخطأت في الثالث الأزهر أما ابن قتيبة في الإمامة والسياسة: ١ / ٨٤ فقد ذكر القصة ولكنه لم يذكر الأبيات الشعرية بل أضاف قائلا: وبلغ طلحة قول ابنه محمد، وكان محمد من عباد الناس، فقال له: يا محمد، أتزعم عنا قولك إني قاتل عثمان، كذلك تشهد على أبيك؟ كن كعبد الله بن الزبير، فوالله ما أنت بخير منه، ولا أبوك بدون أبيه، كف عن قولك، وإلا فارجع فإن نصرتك نصرة رجل واحد، وفسادك فساد عامة الناس. فقال محمد: ما قلت إلا حقا، ولن أعود.
ومحمد هذا هو الذي أخبر عائشة عندما نبحتها كلاب الحوأب، فقالت لمحمد بن طلحة: أي ماء هذا؟ قال: هذا ماء الحوأب، فقالت ما أراني إلا راجعة، قال: ولم؟ قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لنسائه: كأني بإحداكن قد نبحها كلاب الحوأب، وإياك أن تكوني أنت يا حميراء... الحديث. (أخرجه أحمد في مسنده: ٦ / ٥٢ و ٩٧، ونقله ابن كثير في البداية والنهاية: ٧ / ٢١١). فقال لها محمد بن طلحة تقدمي رحمك الله ودعي هذا القول. (انظر ابن قتيبة في الإمامة والسياسة: ١ / ٨٢ و ٨٩). ونقل ابن قتيبة أيضا في: ٩٨ أن عليا (عليه السلام) مر بالقتلى، فنظر إلى محمد بن طلحة وهو صريع في القتلى، وكان يسمى السجاد، لما بين عينيه من أثر السجود، فقال: رحمك الله يا محمد، لقد كنت في العبادة مجتهدا آناء الليل قواما، وفي الحرور صواما، ثم التفت إلى من حوله فقال: هذا رجل قتله بر أبيه. وانظر أيضا البداية والنهاية لابن كثير: ٧ / ٢٤٤. وهو القائل لعائشة: مرينى بأمرك يا أماه، فقالت: أمرك أن تكون كخير بني آدم. فثبت في مكانه يقول: حم لا ينصرون. فتقدم إليه نفر فحملوا عليه فقتلوه. (وانظر تاريخ الطبري: ٥ / 214).