المؤمنين؟ قال: نعم، قال: امدد يدك أبايعك [له]، فبايعه خوفا من أن يموت وليس في عنقه بيعة، ولما قضى دفن في بني سعد بظاهر البصرة. قال: ولم أر شيخا أضيع دما (1) مني، وتمثل عنه دخوله البصرة بقوله شعرا (2):
فإن تكن الحوادث أقصدتني * وأخطاهن سهمي حين أرمي فقد ضيعت حين تبعت سمعا * سفاهة ما سفهت بفضل (3) حلمي أطعتهم بفرقة آل (4) لأي * فألقوا للسباع دمي ولحمي وكان الذي رمى طلحة مروان بن الحكم، وقيل: غيره، والله أعلم.
ثم ما كان بأسرع من أن أفجأ الناس هزيمة طلحة والزبير (5) وأطافت الخيل بالجمل فلما رأى المنهزمون إطافتهم بالجمل عادوا [عليهم] قلبا واحدا كما (6) كانوا أول مرة (7) وتوافقوا، فوقفت مضر البصرة لمضر الكوفة، وربيعتها لربيعتها، وتيمها لتيمها فاقتتلوا أشد القتال وأعظمه وأكثر مما كان أول مرة، واختلط القوم بعضهم في بعض، فما رؤي قبلها ولا بعدها وقعة أعظم منها (8) ولا أكثر ذراعا مقطوعا ولا يدا مقطوعة، ولم يزل الأمر كذلك حتى قتل خلق كثير ولا يحصون من الفريقين على خطام الجمل.
قال: وأخذ الخطام سبعون رجلا (9) من قريش ما نجا منهم واحد، بل كلهم قتلوا،