قال: وانصرف سراقة راجعا إلى مكة، وسار النبي (صلى الله عليه وسلم) يريد يثرب، فلما رجع سراقة إلى مكة اجتمع إليه أهلها وقالوا: أخبرنا ما وراءك يا سراقة؟ فقال: ما رأيت لمحمد أثرا ولا سمعت عنه (1) خبرا، والإبل التي بلغتكم أنها متوجهة نحو يثرب إبل لعبد القيس، فقال أبو جهل: أما واللات يا سراقة، إن نفسي تحدثني أنك رأيت محمدا ولحقت به، ولكنه خدعك فانخدعت، ودعاك فأجبت، قال: فتبسم سراقة من قول أبي جهل وقال: أما إنك لو عاينت من فرسي هذا ما عاينت لصرفت عني كلامك، ونهض عنهم قائما.
ثم إنه بعد ذلك أخبرهم بقصته مع النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: ومضى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبو بكر والدليل بين أيديهما حتى أخذ بهما أسفل عسفان، ثم خرج بهما على قديد، ثم على الفجاج، ثم سار بهما إلى أن قربا من المدينة، والأوس والخزرج قد بلغهم خروج النبي (صلى الله عليه وسلم) من مكة يريد يثرب. وكانوا يخرجون كل يوم إذا صلوا الظهر (2) إلى ظاهر الحرة يجلسون هناك ينتظرون قدومه (صلى الله عليه وسلم) فلا يزالون كذلك حتى يبلغ منهم حر الشمس، فإذا لم يروا شيئا رجعوا إلى منازلهم.
قال: فوصل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى قبا يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، ونزل على كلثوم بن الهرم (3) أخي بني عمرو بن عوف وقال قوم: نزلوا على سعد بن خيثمة، والصحيح أنه نزل على كلثوم بن الهرم، غير أنه كان إذا خرج من منزل كلثوم يجلس للناس في منزل سعد بن خيثمة وراودوه الدخول إلى