الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٢٩٩
إن شاء الله تعالى (1). فضرب الله على وجوه القوم فانصرفوا.
نقل المسعودي - في شرحه لمقامات الحريري (2) عند ذكره طوق الحمامة في المقامة الأربعين - عن أبي مصعب المكي قال: أدركت أنس بن مالك وزيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم، فسمعتهم يتحدثون في أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلة الغار، فقالوا: بعد أن دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) الغار [و] معه أبو بكر أمر الله سبحانه وتعالى شجرة فنبتت على فم الغار قبالة وجه النبي (صلى الله عليه وآله)، وأمر حمامتين وحشيتين فنزلتا بباب الغار، وأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل بعصيهم وبهراواهم (3) وسيوفهم على عواتقهم، حتى إذا كانوا قريبا من الغار ونظروا إلى الحمامتين بباب الغار فرجعوا، وقالوا: لا ننظر بالغار غير حمامتين وحشيتين، ولو كان به أحد لطارتا، فسمت (4) النبي (صلى الله عليه وسلم) حينئذ على الحمام، وفرض جزاءهن في قتلهن في الحرم، فكن في الحرم آمنات.
قوله: " سمت على الحمام " يعني: قال لهن: بارك الله عليكن، يقال: سمت له أي إذا دعا له بالبركة (5)، انتهى.
وما أحسن قول الفيومي (6) في تخميسه للبردة:
هذا الحمام بباب الغار قد نزلا * والعنكبوت حكت من نسجها حللا فالصاحبان هنا يا قوم ما دخلا * ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت علا خير البرية لم تنسج ولم تحم

(١) انظر المصادر السابقة في قصة الغار وقصة مبيت الإمام علي (عليه السلام) في فراش النبي (صلى الله عليه وآله) ليلة الهجرة، وكذلك انظر شواهد التنزيل: ١ / 277 ح 283 و 285 - 288، وأمالي الشيخ الطوسي: 1 / 458.
(2) هو الشيخ أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري البصري.
(3) في (أ، ب): وهراولهم.
(4) في (أ): سمت، وفي (ب): فستمت، وفي نسخة أخرى: شمت.
(5) المقامات الحريرية: 2 / 83 ط بولاق - مصر.
(6) الفيومي: شمس الدين محمد، له كتاب تخميس الكواكب الدرية في مدح خير البرية المعروفة بالبردة، ط مطبعة الشرقية، 1308 ه‍: 42.
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»
الفهرست