الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٣١٦
ذلك (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم بهى) النحل: ١٢٦. فعفا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصبر ونهى عن المثلة.
ولذا ورد في السيرة الحلبية عن ابن مسعود: ٢ / ٢٤٦ قال: ما رأينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) باكيا أشد من بكائه على حمزة (عليه السلام) ووضعه في القبلة، ثم وقف على جنازته وانتحب حتى نشق - أي شهق - حتى بلغ به الغش، يقول (صلى الله عليه وآله): يا عم رسول الله، وأسد الله، وأسد رسول الله، يا حمزة فاعل الخيرات، يا حمزة يا كاشف الكربات، يا حمزة ياذاب عن وجه رسول الله. وقال (صلى الله عليه وآله): جاءني جبريل (عليه السلام) وأخبرني بأن حمزة مكتوب في أهل السماوات السبع: حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله. وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الزبير أن يرجع أمه صفية أخت حمزة (رحمه الله) عن رؤيته، فقال لها: يا أمه، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأمرك أن ترجعي، فدفعت في صدره وقالت: لم وقد بلغني أنه مثل بأخي، وذلك في الله قليل فما أرضاني بما كان في الله من ذلك، لأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله تعالى، فجاء الزبير فأخبره (صلى الله عليه وآله) بذلك؟ فقال (صلى الله عليه وآله): خل سبيلها، فجاءت واسترجعت واستغفرت له.
وفي رواية: كفن حمزة بنمرة كانوا إذا مدوها على رأسه انكشفت رجلاه، وإن مدوها على رجليه انكشف رأسه، فمدوها على رأسه وجعلوا على رجليه الأذخر، وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) به فدفن. ذكر ذلك صاحب السيرة الحلبية: ٢ / ٢٤٧، وابن الأثير في الكامل: ٢ / ١٦٢.
وذكر الواقدي أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يومئذ إذا بكت صفية يبكي وإذا نشجت ينشج. قال: وجعلت فاطمة تبكي فلما بكت بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وروى ابن مسعود قال: ما رأينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) باكيا قط أشد من بكائه على حمزة بن أبي طالب لما قتل - إلى أن قال: - ووضعه في القبر ثم وقف (صلى الله عليه وآله) على جنازته وانتحب حتى نشغ من البكاء. ذكر ذلك صاحب الاستيعاب بهامش الإصابة: ١ / ٢٧٥ الطبعة الأولى، والغدير: ٦ / ١٦٥، والإمتاع للمقريزي:
١٥٤، والكامل في التاريخ: ٢ / ١٧٠، ومجمع الزوائد: ٦ / ١٢٠، والصحيح من سيرة النبي الأعظم:
٤ / ٣٠٧ و ٣١٠، وذخائر العقبى: ١٨٠، وسيرة ابن هشام: ٣ / ١٠٥، والسيرة الحلبية: ٢ / ٢٤٦، وشرح النهج: ١٥ / ٣٨٧ و ١٧.
ولسنا بصدد بيان جواز أو حرمة البكاء على الميت ولكن نترك للقارئ الكريم مجال التفكير عند مراجعة المصادر التالية على سبيل المثال لا الحصر منذ بكاءآدم (عليه السلام) على ابنه هابيل إلى اليوم لأن البكاء سنة طبيعية.
انظر العرائس للثعالبي: ٦٤ ط بمبي و ١٣٠ و ١٥٥، الطبقات الكبرى لابن سعد: ١ / ١٢٣، و: ٢ / ٦٠ الطبعة الثانية ط بيروت، فرائد السمطين: ١ / ١٥٢ ح ١١٤، و: ٢ / ٣٤ ح ٢٧١، والمصنف لابن أبي شيبة:
٦ و ١٢، كنز العمال: ١٣ / ١١٢ الطبعة الثانية، و: ١٥ / ١٤٦، و: ٦ / ٢٢٣ الطبعة الأولى، تاريخ دمشق:
٢ / ٢٢٩ ح ٣٦٧ و ٣٢٧ ح ٨٣١، مجمع الزوائد: ٩ / ١١٨ و ١٧٩ و ١٨٩ الفضائللأحمد بن حنبل:
ح ٢٣١، المستدرك للحاكم: ٣ / ١٣٩، و: ٤ / ٤٦٤، تاريغ بغداد: ١٢ / ٣٩٨، و: ٧ / ٢٧٩، المناقبللخوارزمي: ٢٦، ينابيع المودة: ٥٣ و ١٣٥.
سنن البيهقي: ٤ / ٧٠، سنن ابن ماجة: ٢ / ٥١٨، ذخائر العقبى: ١١٩ و ١٤٧ و ١٤٨، دلائل النبوة للبيهقي في ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من تاريخ دمشق: ح ٦٢٢ و ٦١٢ - ٦١٤ و ٦٢٦ - ٦٣٠، المعجم الكبير للطبراني حياة الإمام الحسين (عليه السلام): ١٢٢ ح ٤٥ و ٤٨ و ٩٥، كفاية الطالب: ٢٧٩، أعلام النبوة للماوردي: ٨٣ باب ١٢، نظم درر السمطين: ٢١٥، البداية والنهاية لابن كثير: ٦ / ٢٣٠، و: ٨ / ١٩٩، الروض النضير: ١ / ٨٩ و ٩٢ و ٩٣، و: ٣ / ٢٤، مروج الذهب: ٢ / ٢٩٨، أسد الغابة ١ / ٢٠٨، معراج الوصول للزرندي، حلية الأولياء: ٣ / ١٣٥، الرياض النضرة: ٢ / ٥٤ الطبعة الأولى.
واستشهد من المهاجرين يوم أحد مع حمزة أسد الله وأسد رسوله: عبد الله بن جحش، ومصعب بن عمير، وشماس بن عثمان بن الشريد، واستشهد من الأنصار واحد وستون رجلا. (انظر المعارف لابن قتيبة: ١٦٠).
وروى ابن مسعود: أن النبي (صلى الله عليه وآله) صلى على حمزة وبكى وقال كما أسلفنا سابقا: يا حمزة يا عمي،... يا حمزة يا أسد الله وأسد رسوله، يا حمزة يا فاعل الخيرات، يا حمزة يا كاشف الكربات، يا حمزه يا ذاب عن وجه رسول الله... قال: وطال بكاؤه، قال: ودعا برجل رجل حتى صلى على سبعين رجلا سبعين صلاة وحمزة موضوع بين يديه. ذكر ذلك صاحب ذخائر العقبى: ١٨١.
أما الرواية التي نقلها صاحب الينابيع عن عبد الله بن مسعود فقد جاء فيها: لما قتل حمزة وقتل إلى جنبه رجل من الأنصار يقال له سهيل، قال: فجيء بحمزة وقد مثل به. فجاءت صفية بنت عبد المطلب بثوبين لكفنه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): دونك المرأة فردها، فأتاها الزبير بن العوام - كما ذكرنا سابقا - فدفعت الثوبين وانصرفت. فأقرع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينه - حمزة - وبين سهيل فأصاب سهيلا أكبر الثوبين - إلى ان قال: - فدعا برجل رجل حتى صلى عليه سبعين صلاة وحمزة على حالته. وأخرجه أحمد والبغوي وصاحب الصفوة والمحاملي وابن شاذان.
أما مقتل مصعب بن عمير: فإنه لما علم (صلى الله عليه وآله) أن لواء المشركين مع طلحة من بني عبد الدار أخذ اللواء من علي (عليه السلام) ودفعه إلى مصعب بن عمير لأنه أيضا من بني عبد الدار وقال: نحن أحق بالوفاء منهم. ورد ذلك في الكامل في التاريخ: ٢ / ١٥٠. وقال الطبري: ٢ / ١٩٩ وابن الأثير أيضا: ٢ / ١٥٥ وأعيان الشيعة:
١ / ٢٥٧: قاتل مصعب بن عمير دون رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه لواؤه حتى قتل، وكان الذي أصابه وقتله ابن قميئة الليثي وهو يظن أنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرجع إلى قريش فقال: قتلت محمدا، فجعل الناس يقولون قتل محمد، قتل محمد، فلما قتل مصعب بن عمير أعطى رسول الله (صلى الله عليه وآله) اللواء علي بن أبي طالب.
وتفرق أكثر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقصده المشركون وجعلوا يحملون عليه يريدون قتله، وثبت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرمي عن قوسه حتى تكسرت وقاتل قتالا شديدا ورمى بالنبل حتى فني نبله وانكسرت سية قوسه وانقطع وتره. (انظر الكامل في التاريخ لابن الأثير: ٢ / ١٥٤).
وهنا انخلعت القلوب وأوغلوا في الهروب كما قال تعالى: (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخرلكم فأثبكم غمام بغم) آل عمران: ١٥٣ والرسول (صلى الله عليه وآله) يدعوهم فيقول: إلي عباد الله، إلي عباد الله، أنا رسول الله من كر فله الجنة. ولذا قال ابن جرير: ٢ / ٢٠٣ وابن الأثير في الكامل: ٢ / ١١٠: وانتهت الهزيمة بجماعة المسلمين وفيهم عثمان بن عفان وغيره إلى الأعوص فأقاموا بها ثلاثا، ثم أتو النبي (صلى الله عليه وآله) فقال لهم حين رآهم: لقد ذهبتم فيها عريضة. ذكر هذا الحديث تاريخ الطبري:
٢ / ٢٠٣، الكامل لابن الأثير: ٢ / ١١٠، السيرة الحلبية: ٢ / ٢٢٧، البداية والنهاية: ٤ / ٢٨، السيرة النبوية لابن كثير: ٣ / ٥٥، شرح النهج لابن أبي الحديد: ١٥ / ٢١، الدر المنثور: ٢ / ٨٩، تفسير الفخر الرازي: ٩ / ٥٠ للآية المذكورة.
ولسنا بصدد بيان من فر ورجع، وماذا قال وقيل له، كأنس بن النضر عم أنس بن مالك حين قال لبعض المهاجرين حين ألقوا ما بأيديهم: ما يحبسكم قالوا: قتل النبي، قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟
موتوا على ما مات عليه النبي. ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل (رضي الله عنه) فوجد به سبعون ضربة وطعنه وما عرفته إلا أخته من حسن بنانه: وقيل: لقد سمع أنس بن النضر جماعة يقولون لما سمعوا أن النبي (صلى الله عليه وآله)قتل: ليت لنا من يأتي عبد الله بن أبي بن سلول ليأخذ لنا أمانا من أبي سفيان قبل أن يقتلونا، فقال لهم أنس: يا قوم إن كان محمد قد قتل فإن رب محمد لم يقتل، فقاتلوا على ما قاتل عليه محمد، اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء. ثم قاتل حتى استشهد (رضي الله عنه). علما بأن ابن جرير الطبري وابن الأثير الجزري وابن هشام في السيرة الحلبية وغيرهم قد ذكروا أسماء الذين فروا يوم أحد، ونحن نحيل القارئ الكريم على المصادر التالية المتيسره لدينا على سبيل المثال لا الحصر:
الكامل في التاريخ لابن الأثير: ٢ / ١٠٨ و ١٤٨، السيرة الحلبية: ٢ / ٢٢٧، تاريخ الطبري:
٢ / ٢٠٣، الدر المنثور: ٢ / ٨٠ و ٨٨ و ٨٩، شرح النهج لابن أبي الحديد: ١٥ / ٢٠ و ٢٢ و ٢٤ و ٢٥، و: ١٣ / ٢٩٣، و: ١٤ / ٢٧٦، البداية والنهاية لابن كثير: ٤ / ٢٨ و ٢٩، السيرة النبوية لابن كثير: ٣ / ٥٥ و ٥٨، السيرة النبوية لابن هشام: ٤ / ٨٥، دلائل الصدق: ٢ / ٣٥٨ و ٣٥٩، و: ٣ / ٣٢٦، لباب الآداب:
١٧٩، مجمع البيان: ٢ / ٥٢٤، الإرشاد للشيخ المفيد: ٤٨، البحار: ٢٠ / ٥٣ و ٨٤ و ٢٤، حياة محمد (صلى الله عليه وآله) لهيكل: ٢٦٥.
وانظر أيضا تفسير الرازي: ٩ / ٥٠ و ٦٧، كنز العمال: ٢ / ٢٤٢، و: ١٠ / ٢٦٨ و ٢٦٩، حياة الصحابة: ١ / ٢٧٢، و: ٣ / ٤٩٧، المغازي للواقدي: ٢ / ٦٠٩ و ٩٩٠، تفسير القمي: ١ / ١١٤، منحة المعبود في تهذيب مسند الطيالسي: ٢ / ٩٩، طبقات ابن سعد: ٣ / ١٥٥، و: ٢ / ٤٦ و ٤٧ الطبعة الأولى، تاريخ الخميس: ١ / ٤١٣ و ٤٣١ ط آخر، مستدرك الحاكم: ٣ / ٢٧، مجمع الزوائد: ٦ / 112.
هذا بالإضافة إلى المصادر التي تذكر فرارهم يوم حنين ويوم خيبر، فمن أراد فليراجع غزواته (صلى الله عليه وآله) من كتب المحدثين وأهل السير والأخبار.