قال: وأقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثة أيام بلياليها في الغار، وقريش يطلبونه فلا يقدرون عليه، ولا يدرون أين هو؟ وأسماء بنت أبي بكر تأتيهما ليلا بطعامها وشرابهما.
قال: فلما كان بعد الثلاثة الأيام أمرها النبي (صلى الله عليه وآله) [أن تذهب] إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال لها: أخبريه بموضعنا، وقولي له يستأجر لنا دليلا، ويأتينا معه بثلاثة من الإبل بعد مضي من الليلة الآتية. قال: فجاءت أسماء إلى علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) فأخبرته بذلك، فأستأجر لهما علي (رضي الله عنه) عند ذلك رجلا يقال له: الأريقط بن عبد الله الليثي، وأرسل معه بثلاث من الإبل، فجاء بهن إلى أسفل الجبل ليلا [بعد ما مضى من الليلة الآتية (1) قليلا].
قال: وسمع النبي (صلى الله عليه وآله) برغاء الإبل، فنزل من الغار هو وأبو بكر إليه فعرفاه، فعرض عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) الإسلام، فقيل: أسلم. وقيل: إنه لم يسلم، وجعل يشد على الإبل أرحالها (2) وهو يرتجز ويقول:
شدا العرى على المطي وأخرما (3) * وودعا غاركما والحرما وشمرا هديتما وسلما * لله هذا الأمر حقا فاعلما سينصر الله النبي المسلما قال: وركب النبي (صلى الله عليه وسلم) وركب أبو بكر وركب الدليل وساروا، فأخذ بهم الدليل أسفل مكة، ومضى بهما على طريق الساحل، فاتصل الخبر بأبي جهل [في] ثاني يوم، فنادى في أهل مكة فجمعهم، وقال: إنه بلغني أن محمدا قد مضى نحو يثرب على طريق الساحل ومعه رجلان آخران، فأيكم يأتيني بخبره؟ قال: