الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٢٨٦
الهجرة إلى المدينة فيأذن لهم، فيخرجون أرسالا متسللين أولهم فيما قيل: أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي (1)، وقيل: أولهم مصعب بن عمير (2)، فعند قدومهم المدينة على الأنصار أكرموهم وأنزلوهم في دورهم، وآووهم ونصروهم وواسوهم.
فلما علم المشركون بذلك وأنه صار للمسلمين دار هجرة وأن أكثر من أسلم قد هاجر إليها شق عليهم ذلك، فاجتمع رؤساء قريش بدار الندوة (3) وكانت موضع

(١) تقدمت ترجمته.
(٢) تقدمت ترجمته آنفا.
(٣) دار الندوة: هي دار قصي بن كلاب الذي كانت له رئاسة عامة، وزعامة مطلقة على قريش، فاتخذوا داره مركزا لهم، واستمروا على ذلك بعد وفاته، وقيل: إنها أول دار بنيت بمكة، وسميت بالندوة لأنهم كانوا ينتدون بها - أي يجتمعون فيها للخير والشر - وفيها تقضي قريش أمورها، فما تنكح امرأة ولا تدرع جارية ولا يتزوج رجل من قريش ولا يتشاورون في أمر نزل بهم إلا فيها. (انظر طبقات ابن سعد:
١ / ٧٠ و ٧٧، السيرة لابن هشام: ١ / ١٣٠، فتوح البلدان للبلاذري: ٧٠، تاريخ الطبري: ٢ / ٢٥٨).
وقيل: كان اجتماعهم هنا أربعين رجلا، وقالوا بأجمعهم: أن يجتمع من كل بطن من بطون قريش رجل شريف ويكون معهم من بني هاشم واحد فيأخذون حديدة أو سيفا ويدخلون عليه فيضربونه كلهم ضربة واحدة فيتفرق دمه في قريش كلها فلا يستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه، فاختاروا خمسة عشر رجلا فيهم أبو لهب على أن يدخلوا على رسول الله فيقتلونه، فأنزل الله سبحانه وتعالى رسوله (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) (الأنفال: ٣٠).
فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يفرش له وقال لعلي (عليه السلام): يا علي أفدني بنفسك، قال: نعم يا رسول الله، قال له: نم على فراشي والتحف ببردي. فنام علي (عليه السلام) على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) والتحف ببردته.
وقيل: إن الله أوحى في تلك الليلة إلى جبرئيل وميكائيل: إني قضيت على أحدكما بالموت فأيكما يواسي صاحبه فاختار الحياة كلاهما... وساق الحديث وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليهم وهو يقرأ " يس " إلى قوله (وجعلنا منم بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) (يس: ٩). وأخذ ترابا بكفه ونثره عليهم وهم نيام ومضى. فقال له جبرئيل: يا محمد خذ ناحية ثور - وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور - فمر رسول الله وتلقاه أبو بكر في الطريق فأخذ بيده ومر به فلما انتهى إلى ثور دخل الغار. (انظر الدر المنثور: ٤ / ٢٠٢ وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الزهري، وانظر تفسير الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي: ٩ / ٣٠٦، إعلام الورى للطبرسي: ٦٣ ط النجف، المسترشد في الإمامة لمحمد بن جرير الطبري الإمامي (ق ٥): ٤٣٤، الغدير: ٢ / ٤٨، و: ٨ / ٤١، تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي: ٤٠، والطرائف لابن طاووس: ٤٠٧: الشافي للسيد المرتضى: ٤ / ٢٥).
وروى ابن الأثير في الكامل: ٢ / ٧٣: أنه سأل أولئك الرهط عليا عن النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: لا أدري أمرتموه بالخروج فخرج، فضربوه وأخرجوه إلى المسجد فحبسوه ساعة ثم تركوه، ونجى الله رسوله من مكرهم وأمره بالهجرة، وقام علي يؤدي أمانة النبي (صلى الله عليه وآله) ويفعل ما أمره. ونحن لا نريد التعليق على كلام ابن الأثير بل نقول له: ماذا تقول لرواة حديث: اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه، كان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه ينادي ويقول: بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة؟ وقد رواه الثعلبي في الكشف والبيان. وماذا تقول لنفسك عندما رويت الحديث في أسد الغابة:
٤
/ 18 و 19 و 25 فهل هو التناقض الذي وقعت فيه أم التعصب الذي أعماك؟
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 293 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 مقدمة التحقيق 9
3 ترجمة المؤلف 15
4 ممن اشتهر بابن الصباغ 16
5 مكانته العلمية 17
6 شيوخه 20
7 تلاميذه الآخذون منه والراوون عنه 21
8 آثاره العلمية 21
9 شهرة الكتاب 24
10 مصادر الكتاب 25
11 رواة الأحاديث من الصحابة 38
12 مشاهير المحدثين 46
13 مخطوطات الكتاب 54
14 طبعاته 57
15 منهج العمل في الكتاب 58
16 شكر و تقدير 60
17 مقدمة المؤلف 71
18 ] من هم أهل البيت؟ [ 113
19 في المباهلة 113
20 تنبيه على ذكر شيء مما جاء في فضلهم وفضل محبتهم (عليهم السلام) 141
21 الفصل الأول: في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه 163
22 فصل: في ذكر ام علي كرم الله وجهه 177
23 فصل: في تربية النبي (صلى الله عليه وسلم) له (عليه السلام) 181
24 فصل: في ذكر شيء من علومه (عليه السلام) 195
25 فصل: في محبة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 207
26 فصل: في مؤاخاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 219
27 فصل: في ذكر شيء من شجاعته (عليه السلام) 281
28 فائدة 533
29 فصل: في ذكر شيء من كلماته الرائعة 537
30 فصل: أيضا في ذكر شيء من كلماته 549
31 فصل: في ذكر شيء يسير من بديع نظمه ومحاسن كلامه (عليه السلام) 561
32 فصل: في ذكر مناقبه الحسنة (عليه السلام) 567
33 فصل: في صفته الجميلة وأوصافه الجليلة (عليه السلام) 597
34 فصل: في ذكر كنيته ولقبه وغير ذلك مما يتصل به (عليه السلام) 605
35 فصل: في مقتله ومدة عمره وخلافته (عليه السلام) 609
36 فصل: في ذكر أولاده عليه وعليهم السلام 641
37 فصل: في ذكر البتول 649