الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٢٩٠
ومن ضعفاء المؤمنين [أحد] وقال لعلي: إذا أبرمت ما أمرتك به كن على أهبة الهجرة (1)
(١) الهجرة معناها الانتقال من بلد إلى آخر، أو من مكان إلى غيره، فرارا بالدين، ورهبة وخوفا وحفظا وصيانة للنفس من أن تصيبها مضرات من قبل الظلمة وحكام الجور أعداء الله ورسوله.
وفعلا هاجر الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله) في بداية دعوته إلى شعب أبي طالب وعبد المطلب - وكانوا جميعا هم بنو هاشم - وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار. وكان علي (عليه السلام) أعظمهم مؤاساة لعظيمهم (صلى الله عليه وآله) حيث كان (عليه السلام) يرقد في فراشه كل ليلة مدة ثلاث سنين بأمر من أبيه شيخ الأبطح خوفا من الفتك والغيلة أو الغفلة والغفوة. وكان (عليه السلام) ممتثلا لأمر شيخ الأبطح، وهو امتحان عسير يعجز القلم عن وصفه، وكأنه الامتحان الذي ابتلى به الله إسماعيل حين صارا ذبيحا لأبيه إبراهيم كما في قوله تعالى (فلما بلغ معه السعى قال يبنى إني أرى في المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال يأبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شآء الله من الصبرين) الصافات: ١٠٢.
ورغم التوافق والمشابهة بين القضيتين غير أن هنالك فارق بينهما، لأن قضية إبراهيم (عليه السلام) مع ابنه يبقى الحنان الأبوي مهما كان نوع القتل فيه شفقة ورحمة بخلاف ما لو قدر للأعداء الشرسين الكفرة المجرمين كما فعلوا بابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين (عليه السلام) وأولاده وأصحابه وسبى نساءه. ولسنا الآن بصدد المقارنة.
أما الهجرة الثانية: فهي الهجرة إلى الحبشة والتي أمر بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) اثنان وثمانون رجلا مع جعفر بن أبي طالب (عليه السلام)، ولسنا بصدد بيانها الآن أيضا.
أما الهجرة الثالثة: فهي للأنصار الأولين وهم العقبيون بإجماع أهل السير والتاريخ وكانوا سبعين رجلا، وأول من بايع فيها أبو الهيثم بن التيهان.
أما الهجرة الرابعة: فهي للمهاجرين إلى المدينة، والسابق فيها: مصعب بن عمير، وعمار بن ياسر، وأبو سلمة المخزومي، وعامر بن ربيعة، وعبد الله بن جحش، وابن أم مكتوم، وبلال، وسعد، ثم ساروا إرسالا. ولسنا بصدد بيانها أيضا.
إن الحديث الذي رواه الغزالي في كتابه المذكور: ٣ / ٢٣٨، تحت عنوان " بيان الإيثار وفضيلته " من كتاب ذم المال رواه مرسلا، لكن الحديث رواه كثير من أصحاب التفسير والحديث والسير، فرواه الثعلبي في تفسير الآية الكريمة من تفسير الكشف والبيان، ورواه ابن البطريق في خصائص الوحي المبين: ٥٩، والفيض في المحجة البيضاء: ٦ / ٨٠، والأميني في الغدير: ٢ / ٤٨ ط بيروت، والطوسي في الأمالي:
١٦، والرازي في تفسيره: ٢ / ١٥٢، مرسلا، وابن الأثير في أسد الغابة: ٤ / ٢٥ و ١٨ و ١٩ وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص: ١٤١ ط بيروت، وابن شهرآشوب في المناقب: ٢ / ٦٥، والبحراني في تفسيره البرهان: ١ / ٢٠٧ ح ١١ الطبعة الثانية، ورواه صاحب غاية المرام: باب ٤٥ ص ٣٤٦، والإربلي في كشف الغمة: ١ / ٣١٠ ط بيروت، والحافظ الكنجي في كفاية الطالب: باب ٦٢ ص ٢٣٩، ورواه في تعليقه على إحياء العلوم: ٣ / ٢٣٨، والشبلنجي في نور الأبصار: ٧٧ و ٨٦، والحاكم في المستدرك:
٣ / ١٣٣، وابن عساكر في تاريخه / ترجمة الإمام علي (عليه السلام): ١ / ٢٠٢ ح ٢٤٨ و ٢٤٩ الطبعة الثانية، والطبراني في المعجم الكبير: ٣ / ١٦٨، والنسائي في خصائصه: ٢٣ ط النجف، والبلاذري في أنساب الأشراف: ح ٤١ من ترجمة الإمام علي، وابن سعد في طبقاته: ٣ / ٢١، و: ٨ / ٣٥ و ١٦٢ ط بيروت، مسند أحمد بن حنبل: ١ / ٣٣٠ ح ١٢٦٦ الطبعة الأولى و ٣٧٣ ط أخرى، وص ٣٤٨ وكذلك ح ٢٩١، مسند أبي داود الطيالسي: ٣٦٠ ح ٢٧٥٣.
وإليك بعض نماذج الحديث، فمثلا الفخر الرازي في تفسيره الكبير قال في ذيل الآية: نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) بات على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله)... ثم قال: إنه لما نام على فراشه قام جبرئيل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجبريل ينادي: بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة.
وفي أسد الغابة لابن الأثير ٤: ٢٥ روى بسنده عن الثعلبي قال: فأوحى الله إلى جبريل وميكائيل (عليهما السلام):
واني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر... أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب...
وجبريل ينادي: بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله عزوجل بك الملائكة...
وذكر المناوي في كنوز الحقائق: أن الله يباهي بعلي (عليه السلام) كل يوم الملائكة. ورواه صاحب الرياض النضرة المحب الطبري: ٢ / ٢٠٣، وذخائر العقبى: ٦٠ و ٨٦، ومجمع الزوائد: ٧ / ٢٧، و: ٩ / ١١٩، وكنز العمال: ٣ / ١٥٥، و: ٨ / ٣٣٣، وتاريخ بغداد: ١٣ / ١٩١، شواهد التنزيل تحقيق المحمودي: ١٢٣ - ١٣٣ ح ١٣٣ - ١٤٣، وهذه الأحاديث تذكر الحديث وسبب نزول الآية الكريمة أيضا. ورواه الصفوري في نزهة المجالس: ٢ / ٢٠٩، وابن هشام في السيرة: ٢ / ٢٩١، العقد الفريد: ٣ / ٢٩٠، مناقب الخوارزمي: ٧٥، ورواه اليعقوبي في تاريخه: ٢ / ٣٩ منشورات الشريف الرضي مطبعة أمير قم الطبعة الأولى.
أما سبب نزول الآية: فإنها نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) كما نقل أكثر جهابذة التفسير والمحدثين والمؤرخين على الرغم من أن الشواذ منهم قال: إنها نزلت في صهيب، وقال آخر: إنها نزلت في الزبير والمقداد، ولا يهمنا هذا الاختلاف بعد أن أورد الثعلبي في تفسيره " الكشف والبيان " وغيره من أعيان الأمة عن ابن عباس أنها نزلت لما هرب [هاجر] النبي (صلى الله عليه وآله) من المشركين إلى الغار خلفه لقضاء دينه ورده ودائع الناس، فبات علي على فراش النبي (صلى الله عليه وآله) وأحاط المشركون بالدار، فأوحى الله إلى جبريل وميكائيل: أني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة...
وقد ذكرنا مصادر الحديث آنفا فراجع.
إذن، سبب نزول الآية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب حين بات على فراش النبي (صلى الله عليه وآله) عند الهجرة، ولسنا بصدد الدفاع والبيان بمن نزلت وعند من نزلت بل إن الفدائي الأول هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) كما تشير المصادر التالية التي حصلنا عليها، ونحن نذكرها على سبيل المثال لا الحصر:
إحياء علوم الدين للعلامة الغزالي: ٣ / ٢٣٨، شرح النهج لابن أبي الحديد: ١٣ / ٢٦١ - ٢٦٧ ط مصر تحقيق محمد أبو الفضل، تاريخ دمشقلابن عساكر / ترجمة الإمام علي: ١ / ١٣٧ ح ١٨٧ و ١٨٨ و ١٨٤ ح ٢٤٩ و ١٨٦ ح ٢٥٠ و ١٩٠ ح ٢٥١.
شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني: ١ / ٩٦ حديث ١٣٣ - ١٣٧ و ١٣٩ - ١٤٢. و ١٢٣ تحقيق المحمودي، مجمع الزوائد: ٦ / ٥١، و: ٧ / ٢٧، و: ٩ / ١٢٠، ذخائر العقبى: ٨٧، الرياض النضرة:
٢ / ٢٧١ و ٢٧٢ الطبعة الثانية و ٢٦٩ و ٢٧٠ الطبعة الثانية، بحار الأنوار: ٣٦ / ٤٨ - ٤٩ و ٦٣، و ٣٨ / ٢٨٩، و: ٣٩ / ٨٥، خصائص الوحي المبين: ٩٤ ح ٦٤ و ٩٨، العمدة لابن بطريق: ٢٤٠ - ٢٤٢، الطبقات الكبرى لابن سعد: ١ / ٢٢٨، و: ٨ / ٥٢ و ٢٢٣، الغدير للأميني: ١ / ٥٠ و ٥١، و: ٢ / ٤٧، و: ٣ / ١٩٧، كفاية الطالب: ٢٣٩ و ٢٤٠ ط الحيدرية و ١١٤ - ١١٥ ط الغري، تذكرة الخواص ٣٥ - ٢٠٠ ط الحيدرية و ٢١ و ١١٥ ط آخر، تفسير الفخر الرازي: ٥ / ٢٢٣ ط البهية، و: ٢ / ٢٨٣ ط الطباعة بمصر.
أما في أسد الغابة: ٤ / ٢٥ و ٩٥ ط المكتبة الإسلامية للحاج رياض الشيخ قام بتصوير الكتاب بالأوفست فقد حرف الحديث مع الأسف الشديد وجنى على الله ورسوله والإسلام جناية كبرى لا مثيل لها في تاريخ الإنسانية والبشرية معا، بل محرفها فقد أدنى مستويات الخلق البشري والإنساني وتدنا إلى المستوى الحيواني - إن صح التعبير - فقد بدل كلمة " بات على فراشه " بكلمة يندى لها جبين الإنسانية ونحن نقولها من باب اطلاع الكاتب والمؤرخ والمحقق المنصف على هذا المستوى ثم يحكم عقله في مثل هذه النقولات وهي " بال على فراشه " بينما يوجد الحديث صحيحا في أسد الغابة لابن الأثير: ٤ / ٢٥ ط المطبعة الوهبية بمصر، وفضائل الخمسة: ١ / ٢٣٠، و: ٢ / ٣٠٩، نور الأبصار: ٧٨ ط السعيدية وص ٧٨ ط العثمانية وص ٩٦ ط دار الفكر، ينابيع المودة: ٣٤ و ٣٥ و ٩٢ ط إسلامبول و ١٠٥ و ٣٨٦ ط الحيدرية، و: ١ / ٢٧٣ ط أسوة، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية:
١ / ٣٠٦، إحقاق الحق للتستري: ٨ / ٣٣٥ ط طهران، و: ٣ / ١٨٩.
وكذلك في مروج الذهب: ٢ / ٢٨٥، الكافي: ٨ / ٢٨٠ ح ٥٣٦، دلائل الصدق للشيخ المظفر:
٢ / ١٢٧ و ٥٣٨ و ٥٣٩، و: ٢: ٨٢ ط قم بصيرتي، إعلام الورى: ١٩١، الطرائف: ٣٣، تفسير الحاكم الحسكاني: ١ / ٩٦ و ١٣٣ - ١٤٢، تفسير الثعلبي: ٧٩٩، مسند أحمد: ٥ / ٢٥ ح ٣٠٦٢ بسند صحيح ط دار المعارف بمصر، تفسير الطبري، تفسير القرطبي " الجامع لأحكام القرآن "، تفسير النيسابوري، البحر المحيط لأبي حيان المغربي: ٢، روح المعاني للآلوسي: ٢، المستدرك للحاكم: ٣: ٤ و ١٣٣ و ١٣٢، تلخيص المستدرك للذهبي وصححه في ذيل المستدرك.
وأيضا في تاريخ الطبري: ٢ / ٩٩، الكامل في التاريخ: ٢ / ١٠٣، العقد الفريد: ٥ / ٩٩ الطبعة الثانية، تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٢٩ ط الغري، سيرة ابن هشام: ٢ / ٩١، المناقبلابن شهرآشوب: ٢ / ٥٧، فرائد السمطين: ١ / ٣٢٨ ح ٢٥٥ و ٣٣٠ ح ٢٥٦ خصائص أمير المؤمنين للنسائي: ٦ - ٦٤ ط الحيدرية و ١٥ ط بيروت و ٧٠ تحقيق المحمودي. الإصابة: ٢ / ٥٠٩، أنساب الأشراف: ٢ / ١٠٦ ح ٤٣، المناقبللخوارزمي: 72 و 127 فصل 12 ح 141.