وان تقاربا لفظا ومعنى فليس ببعيد من أن يكون الثاني أجود من الأول لأنه أكثر انتفاء من الجبن ومن خوف القتل، وانما علل فراره بعدم إفادة وقوفه فقط وذلك في الأول جزء علة والجزء الآخر قوله اقتل، وقوله رموا فرسى بأشقر مزبد يعنى الدم ويحتمل ان يكون ذلك مقيدا بكون مشهده لا يضر عدوه ومع ذلك فالثاني أسلم من ذلك معنى وأصرح لفظا.
ومما قاله حسان:
لقد علمت قريش يوم بدر * غداة الأسر والقتل الشديد بأناحين نستجر العوالي * حماة الحرب يوم أبى الوليد قتلنا ابني ربيعة يوم ساروا * إلينا في مضاعفة الحديد وقر بها حكيم يوم جالت * بنو النجار تخطر كالأسود وولت عند ذاك جموع فهر * واسلمها الحويرث من بعيد وقالت قتيلة بنت الحارث أخت النضر بن الحارث:
يا راكبا ان الأثيل مظنة * من صبح خامسة وأنت موفق أبلغ بها ميتا بأن تحية * ما ان تزال بها النجائب تخفق منى إليك وعبرة مسفوحة * حادت بواكفها واخرى تخنق هلى يسمعن النضر ان ناديته * أم كيف يسمع ميت لا ينطق أمحمد يا خير ضنئ كريمة (1) * في قومها والفحل فحل معرق ما كان ضرك لو مننت وربما * من الفتى وهو المغيظ المحنق أو كنت قابل فدية فلننفقن * يا عز ما يغلو به ما ينفق (1) أي: ابن كريمة. (*)