اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق، فإني مهدت مهاد نبوة محمد (صلى الله عليه وآله)، ورفعت أعلام دينك، وأعلنت منار رسولك، فوثبوا علي وغالبوني ونالوني (1) ووتروني.
فقام إليه أبو حازم الأنصاري: فقال: يا أمير المؤمنين أبو بكر وعمر ظلماك أحقك أخذا، وعلى الباطل مضيا، أعلى حق كانا؟ أعلى صواب أقاما؟ أم ميراثك غصبا؟ أفهمنا لنعلم باطلهم من حقك، أو نعلم حقهما من حقك، أبزاك (2) أمرك؟
أم غصباك إمامتك، أم غالباك فيها عزا، أم سبقاك إليها عجلا؟ فجرت الفتنة، ولم تستطع منها استقلالا، فإن المهاجرين والأنصار يظنان أنهما كانا على حق، وعلى الحجة الواضحة مضيا.
فقال صلوات الله عليه: يا أخا اليمن لا بحق أخذا، ولا على إصابة أقاما، ولا على دين مضيا، ولا على فتنة خشيا، يرحمك الله، اليوم نتواقف على حدود الحق والباطل، أتعلمون يا إخواني أن بني يعقوب على حق ومحجة كانوا حين باعوا أخاهم، وعقوا أباهم، وخانوا خالقهم، وظلموا أنفسهم، فقالوا: لا.
فقال: يرحمكم الله أيعلم إخوانك هؤلاء أن ابن آدم قاتل الأخ كان على حق ومحجة وإصابة وأمره من رضا الله؟ فقالوا: فقال: لا.
فقال: أوليس كل فعل بصاحبه ما فعل، لحسده إياه وعدوانه وبغضانه له؟
فقالوا: نعم.
قال: وكذلك فعلا بي ما فعلا حسدا، ثم إنه لم يتب على ولد يعقوب إلا بعد استغفار وتوبة وإقلاع وإنابة وإقرار، ولو أن قريشا تابت إلي واعتذرت من فعلها