قريش، أنا صاحب هذه المشاهد، وأبو هذه المواقف، وهذه الأفعال.
يا معشر المهاجرين والأنصار إني على بصيرة من أمري، وعلى ثقة من ديني اليوم أنطقت الخرساء البيان، وفهمت العجماء الفصاحة، وأتيت العمياء بالبرهان هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم، قد توافقنا على حدود الحق والباطل، وأخرجتكم من الشبهة إلى الحق، ومن الشك إلى اليقين.
فتبرؤا رحمكم الله ممن نكثوا البيعتين، وغلب الهوى به فضل، وأبعدوا رحمكم الله ممن أخفى العذر، وطلب الحق من غير أهله فتاه، والعنوا رحمكم الله من انهزم الهزيمتين، إذ يقول الله ﴿إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله﴾ (١) وقال ﴿ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين﴾ (2).
أغضبوا رحمكم الله على من غضب الله عليهم وتبرؤا رحمكم الله ممن يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، ترتفع يوم القيامة ريح سوداء تخطف من دوني قوما من أصحابي من عظماء المهاجرين، فأقول: أصيحابي فيقال: محمد إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.
وتبرؤا رحمكم الله من النفس الضال من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال فيقولوا: ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين، ومن قبل أن يقولوا: يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين، أو يقولوا: وما أضلنا إلا المجرمين، أو يقولوا ربنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا.