خلف امام وبينها وبينه ما لا يتخطى فليس لها تلك بصلاة قال قلت فان جاء انسان يريد ان يصلى كيف يصنع وهي إلى جنب الرجل قال يدخل بينها وبين الرجل وتنحدر هي شيئا ثم إن جعل الجدار مقابلا للسترة انما هو باعتبار ذات الساتر بمعنى ان الساتر قد يكون جدارا وقد يكون غيره لا باعتبار أصل الستر فحينئذ يعتبر في مانعية الستر كغيره فالجدار المصنوع من الزجاج بحيث يشاهد من خلفه لا بأس به على الأقوى لأنه جسم شفاف كالماء والهواء نعم لا عبرة بمشاهدة صورة الامام المنعكسة في المرأة ولا يخفى الفرق بينهما ولا يقدح أيضا الحايل القصير الذي يمنع المشاهدة حال الجلوس فقط ولا الشباك على ما نسب إلى معظم الأصحاب خلافا للمحكى عن الشيخ في الخلاف فمنع الصلاة خلف الشبابيك واستند له غير واحد إلى عموم المقاصير في الصحيحة المتقدمة المعتضدة بدعوى الوفاق في الغنية والخلاف وقد يمنع العموم لان المقاصير في الصحيحة أشير بها إلى المقاصير الموجودة في ذلك الزمان وكونها مشبكة غير معلوم وهو حسن لو استند الشيخ إلى عموم المقاصير من حيث الافراد واما إذا استند إلى اطلاق المقاصير المشار إليها بالنسبة إلى حال تشبيكها وعدمه فلا يرد مع أن الظاهر أن الإشارة انما وقعت إلى جنس المقاصير لا خصوص تلك الموجودة في ذلك الزمان والفرض ان جنس المقصورة في المسجد لم يكن متعارفا سابقا واخترعها الجبارون وحينئذ فالضمير في قوله لمن خلفها راجع إلى جنس المقاصير المخترعة {فالأولى في الجواب} عن ذلك ان الاطلاق المذكور موهون أولا بان مسألة المقاصير في الصحيحة متفرعة على مسألة الجدار الحائل وقد ذكرنا ان المتبادر منه هو الساتر المطلق بحيث لا يرى الامام ابدا وفي قليل من الأحوال مثل حال الركوع فقط أو القريب من السجود ونحو ذلك وحينئذ فالمراد من المقاصير بقرينة التفريع هي غير المشبكة ودعوى العكس بإرادة مطلق الجدار الشامل للشباك بقرينة اطلاق المقاصير بعيدة أولا لان لفظ الستر أقوى ظهورا في غير الشباك من شمول اطلاق المقاصير له بعد تسليم الاطلاق وغير نافعة ثانيا لان غاية الأمر اجمال الصحيحة بالنسبة إلى حكم الشباك فيرجع فيه إلى الأصل والعمومات الدالة على صحة الجماعة فتأمل هذا كله على تقدير قول الشيخ ببطلان الصلاة خلف المقاصير المحرمة وجعلها مع الشبابيك في حكم واحد والا فقد قال في ذكرى يظهر من الشيخ في المبسوط و أبى الصلاح عدم الجواز مع حيلولة الشباك لرواية زرارة مع اعتراف الشيخ بجواز الحيلولة بالمقصورة المخرمة ولا فرق بينهما انتهى وعلى هذا فلا خلاف في جواز الحيلولة بالمقصورة المخرمة وانما منع الشيخ وتبعه ابن أبي الصلاح في الشباك وحينئذ فيحتمل ان يراد من الشباك كما ذكره بعض ما يعمل من القصب ونحوه على نحو عمل الحصر والبواري بتشبيك القصب بعضه في بعض وهذا غالبا مانع من مشاهدة من خلفه ولو كان الشباك مثل المقصورة المخرمة فلا يظهر من
(٢٨٤)