الغرض من هذا الاستدلال إما إثبات الإله للعالم ونفي كون نمرود إلها، أو نفي كونه شريكا لله تعالى. فإن كان الأول وهو قوله: (إن الله يأتي بالشمس من المشرق) فإن ذلك عين المطلوب، وله أن يقول:
إن الشمس تطلع إما لذاتها أولا لمؤثر أصلا قما الدليل على أن الأمر ليس كذلك؟ فإن البحث ما وقع إلا فيه. وإن كان الغرض هو الثاني وهو أن نمرود ليس بخالق للعالم فهذا غير جائز لأن نمرود إن جوز ذلك لم يكن كامل العقل، لأن العلم بأن هذا الشخص البشري الذي ما وجد إلا في هذه الأيام ليس هو الموجد للسماوات السبع التي كانت موجودة قبله بألوف ألوف سنين، وأن العلم بأن هذا الشخص العاجز عن التصرف في هذه السماوات والكواكب والبر والبحر ليس هو الموجد لها علم ضروري، فمن شك فيها كان مختل العقل، والمناظرة مع هذا الإنسان عبث، وبعثة الأنبياء إليه أيضا عبث. وإن كان الغرض هو الثالث، وهو نفي كونه شريكا لله تعالى، فإن كان المراد من الشركة في خالقية السماوات والأرض كان أيضا معلوم الفساد بالضرورة فكانت المناظرة فيها عبثا. وإن كان المراد من الشركة الطاعة بمعنى أن نمرود كان يدعي أنه يجب عليهم طاعته كما يجب طاعة الله. فهذا مما لا يبطل بالحجة التي ذكرها إبراهيم عليه السلام * [سؤال آخر] وهو أن إبراهيم عليه السلام لما قال (إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب) فلو قال الخصم: بل أنا آتي بالشمس من المشرق فقل لإلهك جئ بها من المغرب كيف