فأسمع أبي وهو يقول: أتانا ما لا قبل لنا به، قالت: وكنت أرى من الناس والخيل والسلاح ما لا أصف من الكثرة، فلما أن أسلمت وتزوجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورجعنا جعلت أظهر إلى المسلمين فليسوا كما كنت أرى، فعرفت أنه رعب من الله عز وجل يلقيه في قلوب المشركين.
قالت: ورأيت قبل قدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بثلاث ليال كان القمر يسير من يثرب حتى وقع في حجري، فكرهت أن أخبر بها أحدا من الناس، فلما سبينا رجوت الرؤيا، فاعتقني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتزوجني (١).
وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه أن يحملوا عليهم حملة رجل واحد، فما أفلت منهم إنسان، وقتل عشرة منهم واسر سائرهم، وكان شعار المسلمين يومئذ (يا منصور أمت).
وسبى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرجال والنساء والذراري والنعم والشياه، فلما بلغ الناس أن رسول الله تزوج جويرية بنت الحارث قالوا: أصهار رسول الله. فأرسلوا ما كان في أيديهم من بني المصطلق، فما علم امرأة أعظم بركة على قومها منها (٢).
وفي هذه الغزوة قال عبد الله بن أبي ﴿لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل﴾ (3)، وأنزلت الآيات وفيها كانت قصة إفك عائشة (4).