فلما تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بخديجة ماتت هالة بعد ذلك بمدة يسيرة وخلفت الطفلتين زينب ورقية في حجر رسول الله صلى عليه وآله وحجر خديجة فربياهما، وكان من سنة العرب في الجاهلية من يربي يتيما ينسب ذلك اليتيم إليه، وإذا كانت كذلك فلم يستحل لمن يربيها تزويجها لأنها كانت عندهم بزعمهم بنت المربي لها فلما ربى رسول الله (ص) وخديجة هاتين الطفلتين الابنتين ابنتي أبي هند زوج أخت خديجة نسبتا إلى رسول الله (ص) وخديجة ولم تزل العرب على هذه الحال إلى أن ربى بعض الصحابة يتيمة بعد هجرة الرسول (ص) فقالوا لو سألت رسول الله (ص) هل يجوز في الاسلام تزويج اليتيمة ممن رباها ففعل ذلك فأنزل الله جل ذكره " ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتوهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط " وقوله (فإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة) فهذا الخطاب كان كله متصلا بعضه ببعض في حال التنزيل ففرق وقت التأليف لهذا المصحف الذي في أيدي الناس جهلا كان من المؤلفين بالتنزيل فأطلق الله سبحانه في الاسلام تزويج اليتيمة ممن يربيها فسقط عن المربي للأيتام انتسابهم إليه، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله في نسب ابنتي أبي هند على ما وصفناه من سنة العرب في الجاهلية فدرج نسبهما عند العامة كذلك، ثم نسب أخوهما أيضا هند إلى خديجة إذ كان اسم خديجة ثابتا معروفا وكان اسم أختها هالة خاملا مجهولا فظنوا لما غلب اسم خديجة على اسم هالة أختها في نسب ابنها أن أبا هند كان متزوجا بخديجة قبل رسول الله (ص) فانتسبوا إليها لذلك وتحقق في ظنهم بجهلهم بأمهم أخت خديجة أن هندا كان قد عمر حتى لحق أيام الحسين عليه السلام فقتل بين يديه وهو شيخ فقال الناس قتل خال الحسين عليه السلام هند ابن
(٦٩)