كذبا وفعل باطلا كان قائل هذا مكذبا بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيما شهد به لأبي ذر من الصدق ومن كذب الرسول (ص) فقد كفر بلا حلاف فلما فسد هذا الوجه ثبت أن أبا ذر قال صدقا وفعل حقا فكرهه عثمان فنفاه عن الحرم، ومن كره الحق ولم يحب الصدق فقد كره ما أنزل الله سبحانه في كتابه وخالف أمره لأن الله عز وجل أمر بالكينونة مع الصادقين فقال جل ذكره (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) وقال " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق " وقال (بالحق أنزلناه وبالحق نزل) فمن كره الحق فارق الصدق ومن فارق الصدق فقد خرج عن حدود الله (ومن بدعه) أنه نقل الخطبة من يوم النحر بمكة إلى يوم عرفة فجعل عيد الناس في أشرف بلاد الله وأشرف أيام الله يوم التاسع من ذي الحجة ورسول الله (ص) جعله العاشر بغير الخلاف وهكذا هو في سائر الأمصار فلو جاز أن ينقل من العاشر إلى التاسع لوجب أن يكون الناس تبعا في جميع البلدان لمن هو بمكة ألا ترى أن النحر بمكة يوم العاشر ومن نحر قبل ذلك لم يجز منه ما نحر وكذلك هو جميع الأمصار ومن نحر في قبل العاشر أو ذبح لم يعتد بذلك النحر، وكذلك يلزم في الخطبة لمن خطب في يوم عرفة وجعل عيده في عرفة لم يكن معتد وأعجب من ذلك أنه جعل الخطبة أيضا يوم عرفة وقت صلاة الظهر وأسقطها من يوم النحر، وأسقط صلاة الأضحى من هذا العيد في يوم عرفة وفي يوم النحر جميعا فعطل سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أفضل الأيام وأشرف البلدان فصار الحاج بعد ذلك على هذه البدعة إلى هذه الغاية فأفسد حجهم بتعطيل سنة رسول الله (ص) من غير علة، وقد رووا أن عثمان قال لأمير المؤمنين عليه السلام في سنة من سنيه تحج بالناس فقال علي عليه السلام لا يصلح لي ذلك قال ولم قال لأني إن حججت بالناس خطبت كما خطب رسول الله (ص) وفعلت مثل ما فعل، فبعث عثمان بغيره ولم يبعث به وهذه البدعة داخلة الضرر على جميع من يحج البيت إذ كان
(٥٧)