نظرنا في الآثار المختلفة فيهما وما يصح به معرفتهما فوجدنا الإجماع من أهل النقل على أن رسول الله (ص) قد كان زوج هاتين المرأتين المنسوبتين عند العوام إليه في الجاهلية من أبي العاص بن الربيع ومن عتبة بن أبي لهب فكانت زينب عند أبي العاص ودخل بها وهي في منزله وكانت رقية متزوجة بعتبة بن أبي لهب ولم يكن دخل بها وهي في منزله فلما أظهر رسول الله ص دعوته ودعا إلى نبوته وظهرت عداوة قريش له على ذلك قالت قريش لعتبة ابن أبي لهب طلق رقية بنت محمد حتى نزوجك بمن شئت من نساء قريش ففعل ذلك، وقالوا لأبي العاص مثل ذلك فلم يفعل وقال ما أريد باهلي بدلا فبقيت زينب عنده على حالها ودعا رسول الله (ص) على عتبة بن أبي لهب بأن يسلط الله عليه كلبا من كلابه فاستجيب دعوته فيه فأكله الأسد في طريق الشام وهو مع السفر في العير فإن قريشا كانت تخرج العير في كل سفرة لهم مع رئيس من رؤسائهم فوقعت النوبة على عتبة فامتنع أبو لهب من إخراجه في العير وقال إن محمدا دعا عليه وإنه لم يدع في شئ إلا كان كذلك وأنا خائف من دعوته عليه من جهة ا. سد فقال أهل العير الذين خرجوا معه نحن نحفظه حفظا لا يصل إليه الأسد أبدا فأطلق له الخروج، قال وكيف تصنعون قالوا نجعل الإبل مثل الحلقة ثم نجعل من داخلها الجواليق كذلك مثل الحلقة ثم نبيت نحن حوله من داخل الجواليق ونجعله في وسطنا فمحال أن يصل إليه الأسد عند ذلك، وأطلق له الخروج معهم فكانوا يفعلون كذلك في طريقهم فأقبل إليهم الأسد ليلة من الليالي فتخطى الإبل والجواليق والقوم جميعا حتى صار إليه فأخذه من وسطهم فأكله فاشتدت عند ذلك عداوة أبي لهب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكانت زينب عند أبي العاص وهو كافر فلما هاجر رسول الله (ص) إلى المدينة وكانت بينه وبين قريش أسر أبو العاص بن الربيع فيمن أسروا من قريش وهي وقعة يوم بدر، ثم وقع الفداء على الاسرا، فبعث كل
(٦٥)