وهذا يحقق لما وصفناه من أمر الصحف أنه غسلها لشئ كرهة منها ومنها ما فعل بابي ذر الغفاري رضوان الله عليه حين نفاه من المدينة إلى الربذة (1) مع إجماع الأمة في الرواية أن رسول الله صلى الله عليه وآله
(1) قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج ج 1 ص 240 قد روى جميع أهل السير على اختلاف طرقهم وأسانيدهم أن عثمان لما أعطى مروان ابن الحكم ما أعطاه وأعطى الحرث بن الحكم بن أبي العاص ثلاثمائة ألف درهم وأعطى زيد بن ثابت مائة ألف درهم جعل أبو ذر يقول (بشر الكافرين بعذاب أليم) ويتلو قول الله تعالى " والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم " فرفع ذلك مروان إلى عثمان فأرسل إلى أبي ذر قائلا مولاه أن انته عما يبلغني عنك فقال أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله وعيب من ترك أمر الله فوالله لأن أرضي الله بسخط عثمان أحب إلي وخير لي من أن أسخط الله برضاه فاغضب عثمان ذلك واحفظه فقال عثمان قد كثر أذاك لي وتولعك بأصحابي إلحق بالشام فأخرجه إليها فكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعله فكتب معاوية إلى عثمان فيه فكتب عثمان إلى معاوية أما بعد فاحمل جندبا إلي على أغلظ مركب وأوعره فرجه به مع من سار به الليل والنهار وحمله على شارف ليس عليها إلا قتب حتى قدم به المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد فلما قدم أبو ذر المدينة بعث إليه عثمان أن الحق بأي أرض شئت فقال بمكة قال لا قال فبيت المقدس قال لا قال فأحد المصريين قال لا ولكني مسيرك إلى الربذة فسيره إليها فلم يزل بها حتى مات الكاتب