النبوة والإمامة مشركين كافرين. وكما إنه جاز أن ينقل كافرا مشركا إلى الإيمان فيصير مؤمنا بعد أن كان كافرا جاز بعد ذلك أن ينقل رجلا مؤمنا من بعد إيمانه إلى الكفر فيصير بعد أن كان مؤمنا كافرا. وكذلك يجب في النظر أن يكون حال الأنبياء والأئمة عليهم السلام لو كان يجوز أن ينقل الله من كان كافرا مشركا فيصير نبيا أو إماما لجاز ذلك فلما فسد ذلك في حكمة الله جل اسمه أو جبنا على من يقول أن الرسول كان في الجاهلية كافرا يعبد الأصنام الكفر والالحاد. ولما وجب ذلك كذلك ثبت أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان في زمن الجاهلية على دين يرتضيه الله منه غير دين الجاهلية. وقد شرحنا من هذا الحال في كتاب الأنبياء ما فيه كفاية لأولي الألباب. ولما وجب ما وصفناه وثبتت حجته كان محالا أن يزوج رسول الله (ص) ابنتيه من كافرين من غير ضرورة دعت إلى ذلك وهو مخالف لهم في دينهم عارف بكفرهم وإلحادهم. ولما فسد هذا بطل أن تكونا ابنتيه وصح لنا فيهما ما رواه مشايخنا من أهل العلم عن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام وذلك أن الرواية صحت عندنا عنهم أنه كانت لخديجة بنت خويلد من أمها أخت يقال لها هالة قد تزوجها رجل من بني مخزوم فولدت بنتا اسمها هالة ثم خلف عليها بعد أبي هالة رجل من تميم يقال له أبو هند فأولدها ابنا كان يسمى هندا بن أبي هند وابنتين فكانتا هاتان الابنتان منسوبتين إلى رسول الله (ص) زينب ورقية من امرأة أخرى قد ماتت. ومات أبو هند وقد بلغ ابنه مبالغ الرجال والابنتان طفلتان وكان في حدثان تزويج رسول الله (ص) بخديجة بنت خويلد، وكانت هالة أخت خديجة فقيرة وكانت خديجة من الأغنياء الموصوفين بكثرة المال، فأما هند ابن أبي هند فإنه لحق بقومه وعشيرته بالبادية، وبقيت الطفلتين عند أمهما هالة أخت خديجة فضمت خديجة أختها هالة مع الطفلتين وكفلت جميعهم، وكانت هالة أخت خديجة هي الرسول بين خديجة وبين رسول الله (ص) في حال التزويج
(٦٨)