ومن حديث الواقدي قال: حدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة قال: قال عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه: خرجنا في عير إلى الشام قبل (1) مبعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فلما كنا بأفواه الشام وبها كاهنة، فتعرضنا لها فقالت: أتاني صاحبي فوقف على بابي فقلت: ألا تدخل؟ فقال: لا سبيل إلى ذلك، خرج أحمد بمكة (2) يدعو إلى الله (3).
قال الواقدي: وحدثني محمد بن عبد الله عن الزهري قال: كان الوحي يسمع، فلما كان الإسلام منعوا، وكانت امرأة من بني أسد يقال لها سعيدة، لها تابع من الجن، فلما رأى الوحي لا يستطاع أتاها فدخل في صدرها يصيح فذهب عقلها، فجعل يقول من صدرها: وضع العناق (4)، ورفع الرفاق (5)، وجاء أمر لا يطاق، أحمد حرم الزنا.
قال الواقدي: وحدثنا أبو داود سليمان بن سالم عن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي، أن رجلا مر على مجلس بالمدينة فيه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فنظر إليه فقال: أكاهن أنت؟ قال: يا أمير المؤمنين! هدي بالإسلام كل جاهل، ودفع بالحق كل باطل، وأقيم بالقرآن كل مائل، وغني بمحمد (صلى الله عليه وسلم) كل عائل، فقال عمر: متى عهدك بها؟ (يعني صاحبته - قال: قبيل الإسلام، أتتني فصرخت: يا سلام يا سلام، الحق المبين والخير الدائم، خير حلم النائم، الله أكبر.
فقال رجل من القوم: يا أمير المؤمنين! أنا أحدثك مثل هذا، والله إنا لنسير في " دوية " (6) ملساء لا يسمع فيها إلا الصدى، إذ نظرنا فإذا راكب مقبل أسرع