وخرج أيضا من حديث الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا داود بن المحبر، حدثنا حماد عن أبي عمران الجوى عن يزيد بن بابنوس عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نذر أن يعتكف شهرا هو وخديجة رضي الله عنها بحراء، فوافق ذلك شهر رمضان فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فسمع: السلام عليك! قال:
فظننتها فجأة الجن، فجئت مسرعا حتى جئت إلى خديجة فسجتني ثوبا فقالت:
ما شأنك يا ابن عبد الله! فأخبرها فقالت له: أبشر يا ابن عبد الله، فإن السلام خير، قال: ثم خرجت مرة أخرى فإذا أنا بجبريل على الشمس، جناح له بالمشرق وجناح له بالمغرب، قال (1): فهلت منه فجئت مسرعا فإذا هو بيني وبين الباب، فكلمني حتى أنست به، ثم وعدني موعدا فجئت له فأبطأ علي فرأيت أن أرجع، فإذا أنا به وميكائيل بين السماء والأرض قد سد الأفق، فهبط جبريل وبقي ميكائيل بين السماء والأرض، فأخذني جبريل فاستلقاني لحلاوة القفا (2)، ثم شق عن قلبي فاستخرج ما شاء الله أن يستخرج، ثم غسله، في طست من ذهب بماء زمزم، ثم أعاده مكانه ثم لأمه ثم أكفأني كما يكفأ الأديم، ثم ضم في ظهري حتى وجدت مس الخاتم في قلبي، ثم قال لي: أقرأ، ولم أكن (3) قرأت كتابا قط، فلم أدر ما أقرأ، ثم قال: أقرأ، فقلت ما أقرأ؟ قال: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) (4)، حتى انتهى إلى خمس آيات منها فما نسيت شيئا بعد، ثم وزنني برجل فوزنته، ثم وزنني بآخر فوزنته حتى وزنت بمائة فقال ميكائيل: تبعته أمته ورب الكعبة، فجعلت لا يلقاني حجر ولا شجر إلا قال: السلام عليك يا رسول الله حتى دخلت على خديجة فقالت: السلام عليك يا رسول الله (5).
وفي رواية يونس بن حبيب عن داود: فقال ميكائيل: تبعته أمته، وقال: