ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى وأحمد بن يونس وأبو داود عن النفيلي ثلاثتهم عن أبي خيثمة، زهير ابن معاوية الجعفي الكوفي، عن أبي الزبير، محمد بن مسلم بن تدرس المكي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري به.
قلت: ومقتضى أكثر هذه السياقات أن هذه السرية كانت قبل صلح الحديبية ولكن أوردناها ها هنا تبعا للحافظ البيهقي رحمه الله فإنه أوردها بعد مؤتة وقبل غزوة الفتح والله أعلم. وقد ذكر البخاري بعد غزوة مؤتة سرية أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة فقال: حدثنا عمرو بن محمد ثنا هشيم، أنبأنا حصين بن جندب، ثنا أبو ظبيان قال: سمعت أسامة بن زيد يقول: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال " يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ " قلت كان متعوذا، فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم. وقد تقدم هذا الحديث والكلام عليه فيما سلف. ثم روى البخاري من حديث يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات وخرجت فيما يبعث من البعوث تسع غزوات علينا مرة أبو بكر ومرة أسامة بن زيد رضي الله عنهما. ثم ذكر الحافظ البيهقي ها هنا موت النجاشي صاحب الحبشة على الاسلام ونعي رسول الله صلى الله عليه وسلم له إلى المسلمين وصلاته عليه. فروى: من طريق مالك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى إلى الناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات. أخرجاه من حديث مالك وأخرجاه أيضا من حديث الليث عن عقيل عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة بنحوه. وأخرجاه من حديث ابن جريج عن عطاء عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مات اليوم رجل صالح فصلوا على أصحمة " (2) وقد تقدمت هذه الأحاديث أيضا والكلام عليها ولله الحمد.
قلت: والظاهر أن موت النجاشي كان قبل الفتح بكثير فإن في صحيح مسلم أنه لما كتب إلى ملوك الآفاق كتب إلى النجاشي وليس هو بالمسلم، وزعم آخرون كالواقدي أنه هو. والله أعلم.
وروى الحافظ البيهقي من طريق مسلم بن خالد الزنجي (3)، عن موسى بن عقبة، عن أبيه، عن