الله يقول (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) [النساء: 29] فضحك نبي الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا، حدثنا محمد بن سلمة [حدثنا ابن وهب] ثنا ابن لهيعة وعمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير عن أبي قيس مولى عمرو ابن العاص - وكان على سرية - ذكر الحديث بنحوه قال: فغسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهم، فذكر نحوه ولم يذكر التيمم. قال أبو داود: وروى هذه القصة عن الأوزاعي عن حسان بن عطية وقال فيه فتيمم (1). وقال الواقدي (2): حدثني أفلح بن سعيد، عن ابن عبد الرحمن بن رقيش، عن أبي بكر بن حزم قال: كان عمرو بن العاص حين قفلوا احتلم في ليلة باردة كأشد ما يكون من البرد، فقال لأصحابه: ما ترون؟ والله احتلمت فإن اغتسلت مت، فدعا بماء فتوضأ وغسل فرجه وتيمم، ثم قام فصلى بهم، فكان أول من بعث عوف بن مالك بريدا، قال عوف: فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في السحر وهو يصلي في بيته فسلمت عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " عوف بن مالك؟ " فقلت عوف بن مالك يا رسول الله، قال " صاحب الجزور؟ " قلت: نعم. ولم يزد على هذا بعد ذلك شيئا ثم قال " أخبرني " فأخبرته بما كان من مسيرنا وما كان من أبي عبيدة وعمرو ومطاوعة أبي عبيدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يرحم الله أبا عبيدة بن الجراح " قال: ثم أخبرته أن عمرا صلى بالناس وهو جنب ومعه ماء لم يزد على أن غسل فرجه وتوضأ (3)، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم عمرو على رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله عن صلاته فأخبره فقال: والذي بعثك بالحق إني لو اغتسلت لمت، لم أجد بردا قط مثله. وقد قال تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبلغنا أنه قال شيئا (4). وقال ابن إسحاق: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: كنت في الغزوة التي بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص، وهي غزوة ذات السلاسل، فصحبت أبا بكر وعمر، فمررت بقوم وهم على جزور قد نحروها، وهم لا يقدرون على أن يبعضوها، وكنت امرءا جازرا، فقلت لهم: تعطوني منها عشرا (5) على أن أقسمها بينكم؟ قالوا: نعم، فأخذت الشفرة فجزأتها مكاني، وأخذت منها جزءا، فحملته إلى أصحابي فاطبخناه وأكلناه، فقال أبو بكر وعمر: أنى لك هذا اللحم يا عوف؟ فأخبرتهما، فقالا: لا والله ما أحسنت حين أطعمتنا هذا، ثم قاما يتقيآن ما في بطونهما منه، فلما أن قفل الناس من ذلك
(٣١٣)