صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله نحن الفرارون، فقال لا بل أنتم العكارون ورواه [أبو داود و] (1) الترمذي وابن ماجة: من حديث يزيد بن أبي زياد وقال الترمذي حسن لا نعرفه إلا من حديثه.
وقال أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى، وأسود بن عامر قالا: حدثنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ابن عمر قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية، فلما لقينا العدو انهزمنا في أول غادية، فقدمنا المدينة في نفر ليلا فاختفينا ثم قلنا لو خرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتذرنا إليه، فخرجنا إليه فلما لقيناه (2) قلنا نحن الفرارون يا رسول الله قال " بل أنتم العكارون وأنا فئتكم " قال الأسود " وأنا فئة كل مسلم " وقال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عامر بن عبد الله بن الزبير: أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لامرأة سلمة بن هشام بن [العاص بن] (3) المغيرة: مالي لا أرى سلمة يحضر الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع المسلمين؟ قالت ما يستطيع أن يخرج، كلما خرج صاح به الناس يا فرار، فررتم في سبيل الله، حتى قعد في بيته ما يخرج. وكان في غزاة مؤتة.
قلت: لعل طائفة منهم فروا لما عاينوا كثرة جموع (الروم - وكانوا على أكثر من أضعاف الأضعاف فإنهم كانوا ثلاثة آلاف وكان] (4) العدو على ما ذكروه مائتي ألف، ومثل هذا يسوغ الفرار على ما قد تقرر، فلما فر هؤلاء ثبت باقيهم وفتح الله عليهم وتخلصوا من أيدي أولئك وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، كما ذكره الواقدي وموسى بن عقبة من قبله، ويؤيد ذلك ويشاكله بالصحة (5) ما رواه الإمام أحمد: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير ابن نفير عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي قال: خرجت مع من خرج مع زيد بن حارثة من المسلمين في غزوة مؤتة، [ووافقني مددي] (6) من اليمن ليس معه غير سيفه، فنحر رجل من المسلمين جزورا فسأله [المددي طائفة] (7) من جلده فأعطاه إياه فاتخذه كهيئة الدرقة، ومضينا فلقينا جموع الروم وفيهم رجل على فرس له أشقر عليه سرج مذهب وسلاح مذهب، فجعل الرومي يغري بالمسلمين، وقعد له المددي خلف صخرة فمر به الرومي فعرقبه فخر وعلاه فقتله، وحاز فرسه وسلاحه، فلما فتح الله للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد يأخذ من السلب، قال عوف