فقالوا: يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا ندرك منه ثأرا، ففعلوا. قال ابن إسحاق: ففيهم كما ذكر لي بعض أهل العلم أنزل الله تعالى (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون) [الأنفال: 36] قالوا: فاجتمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير بأحابيشها (1) ومن أطاعها من قبائل كنانة وأهل تهامة وكان أبو عزة عمرو بن عبد الله الجمحي، قد من عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وكان فقيرا ذا عيال وحاجة، وكان في الأسارى، فقال له صفوان بن أمية: يا أبا عزة، إنك امرؤ شاعر فأعنا بلسانك واخرج معنا فقال: إن محمدا قد من علي فلا أريد أن أظاهر عليه. قال: بلى، فأعنا بنفسك فلك الله إن رجعت أن أغنيك وإن قتلت أن أجعل بناتك مع بناتي يصيبهن ما أصابهن من عسر ويسر. فخرج أبو عزة يسير في تهامة ويدعو بني كنانة ويقول:
أيا بني عبد مناة الرزام * أنتم حماة وأبو كم حام (2) لا يعدوني نصركم بعد العام * لا تسلموني لا يحل اسلام قال: وخرج نافع (3) بن عبد مناف بن وهب بن حذافة بن جمح إلى بني مالك بن كنانة يحرضهم ويقول:
يا مال مال الحسب المقدم * أنشد ذا القربى وذا التذمم من كان ذا رحم ومن لم يرحم * الحلف وسط البلد المحرم عند حطيم الكعبة المعظم قال: ودعا جبير بن مطعم غلاما له حبشيا يقال له: وحشي، يقذف بحربة له قذف الحبشة، قلما يخطئ بها فقال له: أخرج مع الناس، فإن أنت قتلت حمزة عم محمد بعمي طعيمة بن عدي فأنت عتيق. قال: فخرجت قريش بحدها وحديدها وجدها وأحابيشها ومن تابعها من بني كنانة وأهل تهامة وخرجوا معهم بالظعن (4) التماس الحفيظة وأن لا يفروا، وخرج أبو سفيان صخر بن حرب، وهو قائد الناس، ومعه زوجته هند بنت عتبة بن ربيعة، وخرج عكرمة بن أبي جهل بزوجته ابنة عمه أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة، وخرج عمه الحارث بن هشام بزوجته فاطمة بنت الوليد بن المغيرة وخرج صفوان بن أمية ببرزة بنت مسعود بن عمرو بن عمير الثقفية وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه بن الحجاج وهي أم ابنه عبد الله بن