بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وآله افتتح خيبر عنوة بعد القتال وترك من ترك من أهلها [على الجلاء] بعد القتال، وبهذا قال الزهري خمس رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ثم قسم سائرها على من شهدها. وفيما قاله الزهري نظر فإن الصحيح أن خيبر جميعها لم تقسم وإنما قسم نصفها بين الناس كما سيأتي بيانه، وقد احتج بهذا مالك ومن تابعه على أن الامام مخير في الأراضي المغنومة إن شاء قسمها وإن شاء أرصدها لمصالح المسلمين وإن شاء قسم بعضها وأرصد بعضها لما ينوبه في الحاجات والمصالح.
قال أبو داود (1): حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن ثنا أسد بن موسى حدثنا يحيى بن زكريا، حدثني سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر نصفين، نصفا لنوائبه، ونصفا بين المسلمين، قسمها بينهم على ثمانية عشر سهما. تفرد به أبو داود، ثم رواه أبو داود من حديث بشير بن يسار مرسلا فعين نصف النوائب الوطيح والكتيبة والسلالم وما حيز معها، ونصف المسلمين الشق والنطاة وما حيز معهما وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما حيز معهما (2). وقال أيضا: حدثنا حسين بن علي ثنا محمد بن فضيل، عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار مولى الأنصار، عن رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر فقسمها على ستة وثلاثين سهما، جمع كل سهم مائة سهم، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين النصف من ذلك، وعزل النصف الثاني لمن نزل به من الوفود والأمور ونوائب الناس. تفرد به أبو داود (3). قال أبو داود: حدثنا محمد بن عيسى حدثنا مجمع بن يعقوب بن مجمع بن يزيد الأنصاري سمعت أبي يعقوب بن مجمع يقول، عن عمه عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري عن عمه مجمع بن حارثة الأنصاري - وكان أحد القراء الذين قرأوا القرآن - قال قسمت خيبر على أهل الحديبية، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمانية عشر سهما، وكان الجيش ألفا وخمسمائة فيهم ثلاثمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين وأعطى الراجل سهما (4). تفرد به أبو داود. وقال مالك عن الزهري أن سعيد بن المسيب أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم افتتح بعض خيبر عنوة. ورواه أبو داود ثم قال أبو داود: قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد أخبركم ابن وهب: حدثني مالك بن أنس عن ابن شهاب أن خيبر بعضها كان عنوة وبعضها صلحا والكتيبة أكثرها عنوة وفيها صلح، قلت لمالك: وما الكتيبة؟ قال: أرض خيبر وهي أربعون ألف عذق (5). قال أبو داود والعذق النخلة. والعذق العرجون. ولهذا قال البخاري: حدثنا محمد بن