وقد تفرد بطوله الإمام أحمد (1). وروى أبو داود بعضه من حديث إسرائيل به، ولما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من العريش وحرض الناس على القتال والناس على مصافهم صابرين ذاكرين الله كثير كما قال الله تعالى آمرا لهم: " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا) الآية [الأنفال: 45].
وقال الأموي: حدثنا معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق. قال: قال الأوزاعي: كان يقال قلما ثبت قوم قياما، فمن استطاع عند ذلك أن يجلس أو يغض طرفه ويذكر الله رجوت أن يسلم من الرياء. وقال عتبة بن ربيعة يوم بدر لأصحابه: ألا ترونهم - يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جثيا على الركب كأنهم حرس يتلمظون كما تتلمظ الحيات - أو قال الأفاعي -. قال الأموي في مغازيه: وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حين حرض المسلمين على القتال قد نفل كل امرئ ما أصاب. وقال " والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل [فيقتل] صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة " وذكر قصة عمير بن الحمام كما تقدم، وقد قاتل بنفسه الكريمة قتالا شديدا ببدنه، وكذلك أبو بكر الصديق كما كانا في العريش يجاهدان بالدعاء والتضرع، ثم نزلا فحرضا وحثا على القتال وقاتلا بالأبدان جمعا بين المقامين الشريفين. قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي قال: لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا من العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسا. ورواه النسائي من حديث أبي إسحاق عن حارثة عن علي قال: كنا إذا حمى البأس ولقي القوم اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم (2). وقال الإمام أحمد:
حدثنا أبو نعيم حدثنا مسعر عن أبي عون، عن أبي صالح الحنفي عن علي. قال: قيل لعلي ولأبي بكر رضي الله عنهما يوم بدر: مع أحدكما جبريل ومع الآخر ميكائيل، وإسرافيل ملك عظيم يشهد القتال ولا يقاتل - أو قال يشهد الصف (3) - وهذا يشبه ما تقدم من الحديث أن أبا بكر كان في الميمنة ولما تنزل الملائكة يوم بدر تنزيلا كان جبريل على أحد المجنبتين في خمسمائة من الملائكة، فكان في الميمنة من ناحية أبي بكر الصديق، وكان ميكائيل على المجنبة الأخرى في خمسمائة من الملائكة فوقفوا في المسيرة وكان علي بن أبي طالب فيها (4) وفي حديث رواه أبو يعلى من طريق محمد بن جبير بن مطعم عن علي. قال: كنت أسبح على القليب يوم بدر فجاءت ريح شديدة ثم