يوم بدر وكان في النظارة أصابه سهم غرب فقتله، فجاءت أمه فقالت يا رسول الله أخبرني عن حارثة فإن كان في الجنة صبرت وإلا فليرين الله ما أصنع - يعني من النياح - وكانت لم تحرم بعد.
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " ويحك أهبلت، إنها جنان ثمان وان ابنك أصاب الفردوس الاعلى ".
قال ابن إسحاق: ثم تزاحف الناس ودنا بعضهم من بعض. وقد (1) أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن لا يحملوا حتى يأمرهم، وقال إن اكتنفكم القوم فانضحوهم عنكم بالنبل. وفي صحيح البخاري عن أبي أسيد. قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر إذا أكثبوكم - يعني المشركين فارموهم واستبقوا نبلكم (2). وقال البيهقي: أخبرنا الحاكم أخبرنا الأصم حدثنا أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير عن ابن (3) إسحاق حدثني عبد الله بن الزبير. قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شعار المهاجرين يوم بدر يا بني عبد الرحمن، وشعار الخزرج يا بني عبد الله وشعار الأوس يا بني عبيد الله، وسمى خيله خيل الله. قال ابن هشام: كان شعار الصحابة يوم بدر أحد أحد.
قال ابن إسحاق: ورسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش معه أبو بكر رضي الله عنه - يعني وهو يستغيث الله عز وجل - كما قال تعالى: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم) [الأنفال: 9 - 10]. قال الإمام أحمد: حدثنا أبو نوح قراد، ثنا عكرمة بن عمار، ثنا سماك الحنفي أبو زميل، حدثني ابن عباس حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة وعليه رداؤه وإزاره ثم قال: " اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الاسلام فلا تعبد بعد في الأرض أبدا " فما زال يستغيث بربه ويدعوه حتى سقط رداؤه. فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فرده ثم التزمه من ورائه ثم قال: يا رسول الله كفاك (4) مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) [الأنفال: 9] وذكر تمام الحديث كما سيأتي (5) وقد رواه مسلم