وكان أول من لقي أبا جهل كما حدثني ثور بن زيد (1) عن عكرمة، عن ابن عباس وعبد الله بن أبي بكر أيضا قد حدثني ذلك قالا. قال معاذ بن عمرو بن الجموح أخو بني سلمة: سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحرجة (2) وهم يقولون: أبو الحكم لا يخلص إليه، فلما سمعتها جعلته من شأني فصمدت نحوه، فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه، فوالله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخة النوى (3) حين يضرب بها، قال: وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي فتعلقت بجلدة من جنبي، وأجهضني القتال عنه، فلقد قاتلت عامة يومي وإني لأسحبها خلفي فلما آذتني وضعت عليها قدمي ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها.
قال ابن إسحاق: ثم عاش بعد ذلك حتى كان زمن عثمان. ثم مر بأبي جهل - وهو عقير - معوذ بن عفراء فضربه حتى أثبته، وتركه وبه رمق. وقاتل معوذ (4) حتى قتل، فمر عبد الله بن مسعود بأبي جهل حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلتمس في القتلى وقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - أنظروا إن خفي عليكم في القتلى إلى أثر جرح في ركبته فإني ازدحمت أنا وهو يوما على مأدبة لعبد الله بن جدعان ونحن غلامان وكنت أشف منه بيسير، فدفعته فوقع على ركبتيه فجحش (5) في أحدهما جحشا لم يزل أثره به. قال ابن مسعود: فوجدته بآخر رمق فعرفته. فوضعت رجلي على عنقه. قال وقد كان ضبث بي مرة بمكة فأذاني ولكزني ثم قلت له: هل أخزاك الله يا عدو الله؟
قال وبماذا أخزاني؟ قال: أعمد من رجل قتلتموه (6) أخبرني لمن الدائرة اليوم؟ قال: قلت لله ولرسوله.
قال ابن إسحاق: وزعم رجال من بني مخزوم أن ابن مسعود كان يقول: قال لي: لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم، قال: ثم احتززت رأسه ثم جئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: