عتبة لئلا يفوتني من الخبر شئ وعتبة متكئ على ايماء بن رحضة الغفاري، وقد أهدى إلى المشركين عشرة جزائر. فطلع أبو جهل الشر في وجهه فقال لعتبة: انتفخ سحرك؟ فقال له عتبة:
ستعلم، فسل أبو جهل سيفه فضرب به متن فرسه، فقال إيماء بن رحضة بئس الفأل هذا، فعند ذلك قامت الحرب (1). وقد صف رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وعباهم أحسن تعبية فروى الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف. قال: صفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ليلا. وروى الإمام أحمد من حديث ابن لهيعة حدثني يزيد بن أبي حبيب أن أسلم أبا عمران حدثه أنه سمع أبا أيوب يقول: صفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر فبدرت منا بادرة أمام الصف، فنظر إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " معي معي " تفرد به أحمد وهذا إسناد حسن.
وقال ابن إسحاق: وحدثني حبان بن واسع بن حبان عن أشياخ من قومه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قدح يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزية حليف بني عدي ابن النجار وهو مستنتل من الصف، فطعن في بطنه بالقدح وقال " استويا سواد " فقال: يا رسول الله أوجعتني، وقد بعثك الله بالحق والعدل، فأقدني فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه فقال: استقد، قال: فاعتنقه فقبل بطنه، فقال: ما حملك على هذا يا سواد؟ قال: يا رسول الله، حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له رسول الله بخير صلى الله عليه وسلم وقاله. قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عوف بن الحارث - وهو ابن عفراء - قال يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده؟ قال: " غمسه يده في العدو حاسرا " فنزع درعا كانت عليه فقذفها، ثم أخذ سيفه فقاتل حتى قتل رضي الله عنه. قال ابن إسحاق: ثم عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف ورجع إلى العريش فدخله ومعه أبو بكر ليس معه فيه غيره. وقال ابن إسحاق: وغيره وكان سعد بن معاذ رضي الله عنه واقفا على باب العريش متقلدا بالسيف ومعه رجال من الأنصار يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفا عليه من أن يدهمه العدو من المشركين والجنائب النجائب مهيأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن احتاج إليها ركبها ورجع إلى المدينة كما أشار به سعد بن معاذ. وقد روى البزار في مسنده من حديث محمد بن عقيل عن علي أنه خطبهم فقال: يا أيها الناس من أشجع الناس؟ فقالوا أنت يا أمير المؤمنين، فقال أما إني ما بارزني أحد إلا انتصفت منه، ولكن هو أبو بكر، إنا جعلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشا فقلنا من يكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يهوي إليه أحد من المشركين، فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهرا بالسيف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يهوي إليه أحد إلا أهوى إليه فهذا أشجع الناس. قال ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذته قريش فهذا يحاده، وهذا يتلتله ويقولون أنت جعلت الآلهة إلها واحدا فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر يضرب ويجاهد هذا ويتلتل هذا وهو يقول: ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ثم